RSS صفحة الفيسبوك صفحة التويتر قناة الفيديو
آخر الأخبار
مختارات الرابطة
خبر صحفي عاجل للنشر :وكيل البيضاء لشؤن رداع سنان جرعون يتجاوب مع مناشدة الرابطة ويقوم بإطلاق سراح رجل الأعمال حمود الصباحي ، والرابطة تشكره على تجاوبه.
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة
خبر صحفي عاجل للنشر :رابطة المعونة تدين بشدة انتهاكات حقوق الانسان وحرياته التي يمارسها سنان جرعون وكيل محافظة البيضاء لشئون رداع –ضد ابناء مديريات رداع ،واخرها جريمة حجز حرية رجل الأعمال حمود ناجي منصر الصباحي منذ اربعة ايام وبدون اي مسوغ قانوني ،وتنا
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة
خبر صحفي عاجل جدا للنشر :تعليقا على صدور قرار دولي بفتح تحقيقات قضائية دولية في الجرائم الأشد فضاعة
ائتلاف منظمات المجتمع المدني
خبر صحفي عاجل جدا للنشر :بشرى سارة بصدور أول قرار دولي بفتح تحقيقات قضائية دولية في الجرائم "الإرهابية"الأشد فضاعة التي حدثت في اليمن خلال الأزمة،ورابطة المعونة ترحب بصدور هذا القرار التاريخي لمجلس حقوق الإنسان وتعتبره تجاوبا أمميا قويا مع مناشداتها المتك
رابطة المعونة لحقوق الانسان والهجرة
مناشدة وطلب إستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بفتح تحقيقات دولية في الجرائم الإرهابية وإنشاء محكمة جنائية خاصة بجرائم الإرهاب في اليمن تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة وتنفيذا للقرارات الدولية الأخرى
خاص
خبر صحفي عاجل : رابطة المعونة تدشن اليوم تقريرها الدوري الأول عن حالة أنتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في اليمن خلال الثلاثة الاشهر الأولى من عام 2012م يناير وفبراير ومارس .
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة
رابطة المعونة تدشن اليوم تقريرها الدوري الأول عن حالة أنتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في اليمن خلال الثلاثة الاشهر الأولى من عام 2012م يناير وفبراير ومارس
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة
حالة حقوق الانسان في اليمن - خلال اسبوع : ابتداءا من يوم السبت الموافق 14/ابريل/2012م حتى 17/ابريل/2012م
رابطة المعونة لحقوق الانسان والهجرة
صــور تسلم رئيسا اليمن السابق والجديد جائزة سبأ لصانعي السلام للعام 2011م في حفل مهيب داخل دار الرئاسة بحضور إقليمي ودولي
ائتلاف منظمات المجتمع المدني
بعد كشف وثيقة رسمية لوزير المالية بدعم جامعة الإيمان التي يديرها الزنداني ....ائتلاف "شركاء":الوثيقة تعتبر دليل قاطع أن باسندوه والوجيه وحزب الإصلاح هم حاضنة تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن وتبرئ ساحة الرئيس صالح وحزبه في هذا المجال ،ويكرر تأييد طلبها الس
خاص
صــور تسلم رئيسا اليمن السابق والجديد جائزة سبأ لصانعي السلام للعام 2011م في حفل مهيب داخل دار الرئاسة بحضور إقليمي ودولي
ائتلاف منظمات المجتمع المدني "شركاء"
نموذج شكاوى
خاص
خبر صحفي عاجل للنشر: رابطة المعونة في بيان صحفي لها اليوم تطالب قيادة حزب الاصلاح ووسائل اعلامه بالاعتذار العلني لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وسكرتيره الصحفي الاستاذ يحي العراسي ولطائفة الاسماعيليين والحوثيين وللشعب اليمني باكمله وذلك عن جرائم الاعتداء
رابطة المعونة لحقوق الانسان والهجرة
رابطة المعونة لحقوق الانسان والهجرة تدين تجدد اعمال العنف والتمرد المسلح في اليمن
نقلا من الشبكة العربية لمعلومات لحقوق الانسان الخميس 11/اغسطس/2011م
خبر صحفي عاجل وهام للنشر:رابطة المعونة تطلق صرخة استغاثة إنسانية لإنقاذ اليمن، حيث مازال العقاب الجماعى مستمرا,بينما تنظيم القاعدة الإرهابي يقتل يوميا المئات من المدنيين والعسكريين والنساء والأطفال ،والحكومة تقف عاجزة عن إيقاف العنف والإرهاب ،والمجتمع ا
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة
بلاغ صحفي عاجل للنشر : رابطة المعونة تناشد رئيس الجمهورية والنائب العام اغلاق سجون الفرقة الاولى الخاصة وغير القانونية ،والافراج عن (10) مواطنين يمنيين معتقلين فيها كرهائن وبدون اي مسوغ قانوني.
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة
صور تكريم رئيسي اليمن السابق والجديد بجائزة سبأ للسلام من قبل المحامي محمدعلي علاو وابراهيم شجاع الدين ممثلي مجلس امناء جائزة سبأ
خاص
التقرير السنوي لحالة حقوق الانسان في اليمن 2011م
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة- منظمة 27 إبريل للتوعية الديمقراطية
اليوم بصنعاء :تدشين أول حملة عالمية للضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرار بتشكيل محكمة جنائية خاصة بالإرهاب في اليمن ،وقيادة الحملة تخاطب بان كي مون سرعة تشكيل هذه المحكمة لإنقاذ اليمن من الإرهاب.
خاص
اليوم بصنعاء :تدشين أول حملة عالمية للضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرار بتشكيل محكمة جنائية خاصة بالإرهاب في اليمن ،وقيادة الحملة تخاطب بان كي مون سرعة تشكيل هذه المحكمة لإنقاذ اليمن من الإرهاب.
خاص
 - شعار الرابطة

الخميس, 03-مايو-2012
خاص -
رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة


WWW.A iDYemen.JEERAN.COM
moh_alao @YAHOO.COM



دراسة عن :" مشكلات العمــل الأهلي في اليمن "
مؤسسات المجتمع المدني بين النظرية والتطبيق





إعداد
المحامي |محمد علي علاو
رئيس رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة


تاريخ الإصدار
فبراير 2010












الفهـــــرس



الموضوع الصفحة

-تقديم 00000000000000000000000 0000000

الفصل الأول : مفهوم المجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية000

الفصل الثانى :إشكاليات العمل الأهلى فى اليمن 00000000

الفصل الثالث : ملاحظات على أداء منظمات المجتمع المدني 00000000

الفصل الرابع :ملاحظات ختامية 000000000000

















تقديم
يشهد الواقع فى اليمن في الفترة الاخيرة جدلا واسعا حول حرية المجتمع المدني والجمعيات الاهلية من منظور الدور الموكل اليها فى التنمية والتقدم والتطور الديمقراطى في المجتمع ،وبالتالى القيود المفروضة عليها والتى تحول دون أدائها لهذا الدور. و من ثم تأتي هذه الدراسة "مشكلات العمل الاهلى فى اليمن00بين النظرية والتطبيق " فى الوقت المزمع فيه تقديم الحكومة لمشروع تعديلات لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الى مجلس النواب فى دوراته المقبلة لاقرارها . كما يأتى صدور هذه الدراسة كتقرير ظل سنوي من رابطة المعونة لحقوق الانسان والهجرة للمشاركة في هذا الجدل بطرح العوائق والعيوب التشريعية والعملية امام حرية منظمات المجتمع العمل الاهلي بشفافية ،وعبر طرح بعض التساؤلات و الاجابه على البعض الآخر بأمثلة من الواقع ، من خلال مناقشة مفهوم المجتمع المدني بشكل عام وحرية الجمعيات والمنظمات الاهلية ( الحقوقية والتنموية و الدفاعية والمرأة ) على وجه الخصوص ،وتنطلق هذه الدراسة من الاطار النظري إلى تشخيص مشاكل الواقع العملى التي تواجه منظمات العمل الاهلي والتنموى في اليمن. وتخلص الدراسة في النهاية إلى بعض الملاحظات والتوصيات الختامية حول حرية المجتمع المدنى الذي تفرضه متطلبات الواقع وسلبيات التجربة، مضيفة بذلك لبنة جديدة في إطار النقاش البناء حول دور المجتمع المدني ،وكمحاولة من الرابطة للنهوض بمجتمعنا اليمني ،لذلك فإن هذه الدراسة تهدف إلى تقديم رؤية وتصور آخر للمسئولين والمهتمين بدعم العمل الأهلى اليمني لإقامة التوازن فى المجتمع بين البنى المختلفة وحمايتها من التشوه والتدهور،إننا ندعو المسئولين الى النظر بشكل ديمقراطى وعادل لجموع المواطنين والى الجمعيات الاهلية دون تمييز بين أحد ،كما أننا نناشد المنظمات والجمعيات الاهلية دفع الرؤى التقدمية والديمقراطية للعمل الاهلى الى الامام من أجل صالح مجتمعنا وتقدمه .
وممالاشك فيه أن التطرق لإشكاليات الأداء داخل منظمات المجتمع المدني اليمني تحيلنا على المناخ الديموقراطي الذي انبثقت داخله هذه المنظمات والمؤثرات السياسية والثقافية والتشريعية المحيطة بها.
إن الإشكاليات التي تواجهها منظمات المجتمع المدني اليوم هي تحديات مجتمع بأكمله ،بكل ما يقتضيه ذلك من الارتقاء بأداء الدولة والمجتمع الاهلي إلى مستوى تحولات وإكراهات الواقع الوطني والدولي ومايستلزمه من إرادة سياسية للنهوض بحقوق وحريات المواطن وضمان كرامته وحمايته من التجاوزات والانتهاكات ،ضمن مشروع مجتمعي تتداخل فيه المكونات والضمانات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والثقافية. وهذا مايجعل منظمات المجتمع المدني مع ذلك تساهم بقوة – رغم كل التحديات التي تواجهها– في وضع لبنات هذا المشروع والدفاع عنه.
كما أنها مطالبة بالتقييم المستمر لأدائها ومتطلبات بلورة شعاراتها ومبادئها ضمن بنياتها حتى توفر الأطر المؤهلة للاضطلاع برسالتها دفاعا ونهوضا وتعميما لقيم وممارسات جديدة. وهذا مايستدعي بلورة الرؤى والخطط الملائمة لتقوية الأداء وتعزيز مكانة العمل الاهلي في معركة البناء الديمقراطي المنشود.
هذا و تنقسم هذه الدراسة إلى أربعة فصول :
ويستعرض الفصل الأول مفهوم المجتمع المدني و المنظمات الاهلية غير الحكومية :
و هو يناقش الإطار النظري للمفاهيم مخصصا الجزء الاول منه للحديث حول البحث عن صيغة يمنية للمجتمع المدني بناء على ما يفرضه الواقع من أدوار تلعب العديد من الاطراف دورا فاعلا في تشكيلها . وتتمثل تلك الأطراف فى الجمعيات الحكومية وغير الحكومية من جهه و القطاع العريض من الفقراء و الفئات محدودة الدخل من جهه أخرى ،ليقع المجتمع المدني بين شقي تلك الرحى محاولاً تحسس طريقه في خضم كل العقبات و القيود التي تفرضها عليه ظروف مجتمعنا .
ثم يستعرض الفصل الثانى إشكاليات الأداء لجمعيات العمل الأهلي في اليمن ليلخصها في نقاط أساسية وهى :
ـ سيطرة الحكومة والأحزاب على منظمات المجتمع الاهلي (ـماليا ـ سياسيا ـ ثقافيا ـ اداريا ) :وتتحدث عن مدى السيطرة التي تفرضها الحكومة والاحزاب السياسية(حاكمة ومعارضة) على حرية و استقلالية العمل الاهلي والتدخل في شئونه. و مدى تأثير ذلك على امكانيات ونشاط تلك الجمعيات و المنظمات و قدرتها على أداء دورها.
ـ القائمين على العمل الاهلي .... اشكاليات ذاتية :
و هي محاولة لابراز المشكلات الداخلية في تلك المنظمات و التي تمثل أحد العوائق الهامة . و تتمثل في عدم فهم الدور الفعلي لمهام تلك المنظمات في تمكين و إشراك أفراد المجتمع مما يخلق عددا من الاشكاليات الأخرى منها انعزال اعضاء تلك المنظمات عن الفئات المتوجه إليها بالأساس فضلا عن تفجر أزمات كثيرة بداية من الازمات الادارية الى التمويل التي تعيق عمل الجمعيات في أحيان كثيرة بالاضافة الى توسيع مساحات السيطرة و التدخل في ظل عدم وجود قواعد وأليات تعمل على حماية تلك المنظمات .
ـ العولمة وتحديات المستقبل:
تتحدث تلك النقطة عن التطور السريع الجاري في العالم و التقارب بين الدول و الثقافات و الذي يزحف بشكل كبير عن طريق التكنولوجيا و الاقتصاد . الامر الذي يضع الحكومات في مأزق حقيقي إما بعدم قدرتها على انتقاء ما ترغب في السماح له بالدخول و بالتالى عدم تحديد أدوار المؤسسات المختلفة واستراتيجياتها بشكل واضح تجاه التغيرات العالمية ؛ مما يخلق مساحة أوسع لدى الاجيال الجديدة لاكتساب وعي مغاير ومشوه بعض الأحيان و أكثر اندفاعا نحو هذه التغييرات و هو ما يجب على منظمات العمل الاهلي المساهمة فى خلق هذا الوعى الجديد لدى تلك الاجيال الشابة وإشراكها في أهدافها التنموية و الحقوقية من أجل خلق جذور قوية داخل فئات المجتمع المختلفة لتطوير مجتمعنا وتطوره .

و هكذا يأتي الفصل الثالث من الدراسة ليبرز اهم الاشكاليات التشريعية والتنظيمية التي تواجه حرية الجمعيات الاهلية اليمنية ،وتوضيح مدى مواءمتها مع التشريعات الدولية التي صادقت عليها اليمن ،وبالتالي أى نوع من الجمعيات الأهلية نريد ؟و ما الذي نعنيه بالضبط من حرية جمعيات العمل الاهلي و المنظمات غير الحكومية التنموي والحقوقي ، و كيف يمكن لتلك المنظمات المساهمة فى إدارة المجتمع ،ودعم المشاركة وتمكين الفئات الفقيرة و المحرومة من الخدمات ؟.إن هذا الفصل يشير بشكل مباشر إلى كيفية التغلب على بعض هذه المشكلات والعقبات التي تواجه العمل الأهلي . تلك المشكلات التي لن تحل إلا بمساعدة وتمكين وتحفيز منظمات المجتمع الأهلي اليمني ،والتنقيب الصادق عن احتياجاتها، و طرح الأوراق كلها أمامها، حتى ندفعها لمد يد العون والمشاركة في العمل والتخطيط ،ولنستخرج تلك الموارد البشرية الطاقة الكامنة داخلها لتتحول الى قوة حقيقية بإمكانها الدفاع عن حقوقها والتي هي حقوق المجتمع اليمني الكبير والذي تمثله ،والسعى نحو شراكة حكومية مجتمعية مسؤولة تقف حول منظماتها وجمعياتها تحميها وتحل معوقاتها .

وختاماً في ملاحظاتنا أوردنا توصياتنا الختامية للحكومة ولمنظمات العمل الأهلي وللمجتمع الدولي ،حيث أوصت الدراسة كافة المسئولين والمهتمين الى مناقشة واثراء ما جاء بالدراسة ، والاستفادة من الجهد المضني الذي بذلناه في اعدادها ،وما جاء فيها من توصيات تصب في مجملها في اعطاء مزيدا من الحرية للجمعيات الاهلية ،وكفالة حقوق المواطنين في تكوينها ،من أجل دعم جهود المجتمع المحلى فى النهوض والتقدم والممارسة الديمقراطية .
كما تأمل الرابطة أن يساهم صدور هذه الدراسة فى إصدار قانون جديد ديمقراطى لرعاية مؤسسات المجتمع المدني اليمني ،وأن يكون قانون يكفل حماية قيم الديمقراطية والمشاركة وتعزيزحقوق الإنسان .


الفصل الاول: مفهوم المجتمع المدنى والجمعيات غير الحكومية *

مصطلح “ المجتمع المدنى” يعد من المصطلحات الخلافية ليس فقط في عالمنا المعاصر ،وانما منذ ظهور المدارس الفلسفية الحديثة مثل المدرسة الطبيعية و الهيجيلية والماركسية و غيرها من المدارس الفلسفية الغربية . و لقد عولج مصطلح المجتمع المدني عند غالبية مثقفينا بذات الطريقة التى تعالج بها معظم الافكار و البنى القادمة من الغرب .
فتارة تنسب نشأته الأولى إلى المجتمع العربي الاسلامي ،و تارة أخرى يعامل كنوع من الفكر الغربي المستورد الذي من الصعب مطابقته على أي من الاشكال المؤسساتيه في اليمن، نظرا لاختلاف مراحل التطور الحضاري التي مررنا بها عن التطور في دول الغرب و من ثم يأتى الاختلاف النوعي بين كلا المجتمعين . و هناك فريق ثالث يحاول استنتاج الظروف و الاشكاليات التي أدت إلى وجود نموذج المجتمع المدني في بلادنا مغايرا عن ذلك الموجود في الغرب ،بمعنى أنه لا ينكر هذا الموجود من الاساس و لكنه يعترف بانه مخلوق مشوة و غير مكتمل النمو .
ودون الخوض في الحجج والاسانيد المصاحبة لكل رأي من الآراء السابقة ،إلا أنه يهمنا أن نتعرض لبعض المفاهيم الفلسفية للمدارس المختلفة قديمها و حديثها ،و هو أمر قد تم التعرض له في معظم الدراسات و المناقشات التي تناولت هذا الموضوع ،لكننا نؤكد فى الوقت نفسه على أننا نعتقد أن الرأى القائل بوجود مجتمع مدني عربي له سماته المتأثرة بالسمات المجتمعية المميزة لبلادنا هو الأقرب للصواب.
الا أنه علينا أن نشير أيضا الى أنه خلال الفترة الماضية ثار جدل كبير حول مفاهيم أخرى مثل المنظمات غير الحكومية ،وعلى ذلك فإن هذا الفصل سوف يحاول أن يلقي الضوء باختصار علي ماهية هذه المصطلحات والمفاهيم وعلاقتها بواقعنا في اليمن ،وذلك علي النحو التالي:

أولاً : مفهوم المجتمع المدنى
أصبح مصطلح " المجتمع المدنى " يحتل مكاناً بارزاً فى أغلب المناقشات الدائرة حول التطور الديمقراطى المنشود فى اليمن والعالم. وكثرت المفاهيم والمعايير والحديث حول المجتمع المدنى لدرجة أنك لا تجد مقالاً حول الديمقراطية إلا ويناقش أوضاع المجتمع المدنى ،فما هو هذا "المجتمع المدنى" ؟وما هو موقع المنظمات غير الحكومية على خريطة هذا المجتمع ؟

لمفهوم المجتمع المدني Civil society تاريخ طويل ، نضج في الغرب على يد الفيلسوف ارسطو طاليس الذي دعا الى تكوين مجتمع سياسي ( البرلمان ) تسود فيه حرية التعبير عن الرأي ويقوم بتشريع القوانين لحماية العدالة والمساواة ،الا ان المشاركة في هذا المجتمع السياسي اقتصرت على مجموعة من النخب في المجتمع دون اعطاء الحق للمرأة والعمال .

وقد ساهم جون لوك في القرن السابع عشر في قيام حركة داخل المجتمع السياسي ذات سلطة تنفيذية و صلاحيات لمعالجة الخلافات وضبط حالات الفوضى وايجاد حلول للنزاعات التي يمكن ان تنشأ .

وظلت مفاهيم المجتمع المدني عائمة الى ان جاء هيجل “Hegel “ في القرن التاسع عشر، حيث ادرج المجتمع المدني في منزلة بين مؤسسات الدولة ( ذات السلطة ) والمجتمع التجاري – الاقتصادي ( القائم على اساس الربح ) سعيا منه لرفع قدرة المجتمع على التنظيم والتوازن ، وعلى خطى هيجل سعى المفكر الاشتراكي غرامشي ( Antonio Gramsci 1937-1891 ) الى تطوير هذا المفهوم من خلال ابتكار مصطلح "المثقف العضوي" ودمجه في عملية تشكيل الرأي او رفع المستوى الثقافي العام ، حيث برزت الدعوة الى ضرورة تكوين منظمات اجتماعية ومهنية نقابية وتعددية حزبية لهدف اجتماعي صريح يضع البناء الفوقي في حالة غير متناقضة مع البناء التحتي ،وايجاد طريقة للتفاعل الحيوي المستمر بينهما ، وقد تنبه المفكر الايطالي روبرت بوتنام Robert Putnam الى ضرورة هذا التفاعل فكتب " كلما تواجدت مؤسسات المجتمع المدني وأدت دورها كانت الديمقراطية أقوى واكثر فعالية " .

تعريف مؤسسات المجتمع المدني:
هي مجموعة الجمعيات والهيئات والمؤسسات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح الأفراد ملتزمة في ذلك بالدستور.. وهو كذلك ميدان وحيز يتكون من فعالية أناس يتمتعون بحرية الانتخاب ، ويمارسون هذه الحرية في اطار القانون والقواعد العامة بشكل مستقل عن إدارة وقرار الحكومة والسلطة السياسية .

الديمقراطية
ان المعنى الحرفي للديمقراطية هو حكم الشعب ،وعندما ظهر مصطلح الديمقراطية في اليونان القديمة كان المقصود بها مشاركة كل المواطنين في عملية صنع القرار وكان يتم في اجتماع عام في ساحة المدينة يضم كل المواطنين ويتم فيه مناقشة القضايا العامة واتخاذ قرارات بشأنها عن طريق التصويت، وعرف هذا الشكل باسم الديمقراطية المباشرة ، اي تلك التي تمنح الفرد فرصة مباشرة للمشاركة في صنع القرار دون ان يقوم احد بهذا الدور نيابة عنه ، ولكن نتيجة ازدياد عدد السكان وصعوبة جمعهم في مكان واحد ، كذلك تعقد الشؤون العامة ظهر ما يعرف باسم الديمقراطية النيابية والتي تعني اختيار الشعب ممثلين له او نوابا عنه يتولون شرح وجهة نظره وتبنى قضاياه عن طريق انتخاب اعضاء في البرلمان بصورة دورية يقومون بتمثيل الدائرة او المنطقة التي يعيش فيها ( تعود كلمة الديمقراطية في اصلها اللغوي الى كلمتين يونانيتين هي " ديموس " وتعني الشعب والثانية " كراتوس " وتعني حكم ) وتنهض الديمقراطية على عدة أسس أهمها :

1- التعددية السياسية :

وهي المبنية على تعدد الأحزاب وإمكانية تداول السلطة بشكل سلمي وفقا لنتائج الاقتراع .

2- المساواة السياسية والقانونية :

تقوم على إعطاء حقوق سياسية متساوية للمواطنين بغض النظر عن الانتماء الديني او العرقي او اللغوي او الفكري ، وتقوم بتطبيق القانون على الجميع بدون تميز بين الأفراد بسبب أصولهم او مكانتهم.

3-سيادة الأمة والرقابة الشعبية :

بمعنى ان السلطة تنبع من الشعب وارادة الشعب فوق كل شيء وللشعب حق الرقابة على السلطة التنفيذية وتعتبر الانتخابات الدورية اداة لذلك .

4- الحريات العامة :

وهي ان يضمن النظام الديمقراطي الحريات العامة التي تشمل حرية الرأي والتعبير والحرية الشخصية مثل حق الملكية وحق الانتقال واختيار مكان الإقامة ، والحقوق السياسية مثل حق التصويت والانتخاب والترشيح والمساهمة في الأنشطة السياسية ، وتكوين الجمعيات والانضمام إليها وحرية النشر ..الخ .
وعلى هذا النحو يمكن اعتبار المجتمع المدنى كمجتمع جماعات مصالح ،إلا أن بقاء المجتمع واستقراره وتطوره يتطلب التوافق على القواعد العلمية للتنافس والتطور الديمقراطى ،ومن هنا تتحدث بعض الكتابات عن نوعين من الوظائف والادوار تقوم بها جماعات المصالح ،الاول هو التنافس والثاني هو التوافق. والتنافس هنا يشترط التعدد ويشير إلى انتشار القوى السياسية ،لكن فى بعض الحالات يبدو أنه ليس هناك فرص للتنافس خصوصاً فى ظل نظم الحكم التسلطية، هذا ويميز كوهن وارتو بين المجتمع المدنى والمجتمع السياسى (الاحزاب والبرلمان ..الخ) ،والمجتمع الاقتصادى (منظمات الانتاج،والشركات …الخ) ،ويؤكد كوهن وارتو على الطابع غير الرسمى للمجتمع المدنى ،كما أنه يؤكد على أنه "من الخطأ إعتبار المجتمع المدنى معارضاً لاقتصاد الدولة،فمفهومه عن المجتمع السياسى والاقتصادى يذكر بأن دوائر وسيطة يمكن أن يكسب المجتمع المدنى من خلالها النفوذ على بعض العمليات الاقتصادية والسياسية والادارية. وتندر علاقة التضارب بين المجتمع المدنى أو الناشطين فيه من جهة ،والاقتصاد والدولة من جهة أخرى ،فقط عندما تخفق هذه الوساطات أو عندما تستخدم مؤسسات المجتمع الاقتصادى والسياسى لعزل ومحاصرة مؤسسات المجتمع المدنى.
ويفترض د/مصطفى كامل السيد وجود شروط ثلاثة قبل الادعاء بوجود مجتمع مدنى.
-منظمات من اشكال متعددة من بين مختلف الطبقات الاجتماعية والمجموعات،
-تسامح اخلاقى وقبول الاغلبية حقوق الاقلية ،
-الحد من استعمال الدولة التعسفى للسلطة .
ومما لا شك فيه أن هذه الشروط الثلاثة غير متوافرة بشكل كامل فى أى مجتمع ،لكن لا يمكن تصور مجتمع تنتفى فيه هذه الشروط الثلاثة كلياً ،ويختلف مصطفى السيد مع كوهن وارتو حيث يؤكد تناقض ادعاء وجود مجتمع مدنى عند انتفاء التسامح مع الآخر فى المجتمع ،أو فى ظل سلطة قمعية .

ثانياً: مفهوم وأنواع الجمعيات والمنظمات غير الحكومية
المنظمات غير الحكومية طبقاً لتعريف البنك الدولى هى منظمات خاصة تقوم بنشاطات مختلفة لتخفيف معاناة الفقراء والمهمشين ودعم مصالحهم وحماية حقوقهم 0وتقديم خدمات اجتماعية أساسية والقيام بتنمية المجتمع المحلى .
وتعتبر المنظمات غير الحكومية كل منظمة خيرية وتطوعية مستقلة فى إدارتها وأنشطتها عن الحكومة.وتقوم على مجموعة من القيم وتعتمد كلياً أو جزئياً على الهبات الخيرية والاعمال التطوعية.
ويحدد ريتشارد إلن أسس المنظمات غير الحكومية على أنها " منظمات طوعية لا تبغى الربح وهى تقوم بأعمال إغاثية واسعة النطاق بالاشتراك مع الشعب وبالنيابة عنه ،وغالبية هذه المنظمات تعمل خارج نطاق الحكومات ،لذا فإن برامجها تنبع من تعبير الشعب عن حاجاته وليس من الحكومات "
وفى ورشة عمل أعدها المعهد الأسيوى للتكنولوجيا فى بانكوك حول المنظمات غير الحكومية خرجت عدة تعريفات كان أشملها التعريف الذي يذكر أن المنظمة غير الحكومية هى : منظمة خيرية طوعية ذات توجه خدمى وانمائى وتعمل إما لصالح الأعضاء المنتمين إليها كالنقابات أو لصالح أعضاء آخرين من المجتمع ".
" إن المنظمة غير الحكومية هى :منظمة تضم أفراداً من القطاع الأهلي يؤمنون بمبادئ اجتماعية اساسية وينظمون نشاطهم بهدف تنمية المجتمعات التى يخدمونها "
أما التعريف الذى اعتمده علماء الاجتماع للتعبير عن المنظمات غير الحكومية فهو "المنظمات الطوعية أو المنظمات الثانوية" ،بمعنى أن الانتماء لهذه المنظمات يأتى اختيارياً ،فالاعضاء لم يولدوا فيها كما فى العائلة أو الوطن 0وهى عائلة طوعية بمعنى أن الأعضاء لا يتلقون أجراً مادياً لقاء انضمامهم اليها فالمنظمة هى عائلة جديدة للعضو غير العائلة التى ولد فيها ..
أما علماء السياسة فيتكلمون عن هذه المنظمات باعتبارها جماعات مصالح خاصة تعمل كوسيط بين أفراد الشعب والحكومة وتمارس ضغطاً من أجل إقرار أو عدم إقرار قوانين وإجراءات معينة
أما رجال الاقتصاد فيستخدمون عبارة المنظمات التى لا تبغى الربح أو القطاع الذى لا يبغى الربح
والمنظمات غير الحكومية هى جزء من المجتمع المدنى وتحتل الان -بإعتبارها إحدى أهم مكونات وعناصر المجتمع -أهمية متزايدة فى عالم اليوم ،ففى الولايات المتحدة الامريكية تنتج هذه المنظمات ما يزيد على 56% من الدخل القومى الامريكى ويعمل بها ما يقرب من 20% من جملة العاملين هناك.
كما تشارك هذه المنظمات فى المشروعات التى يمولها البنك الدولى ،وهى جزء مهم من شبكة الأمان الاجتماعى الضرورية من أجل تخفيف آثار سياسات التكيف الهيكلى من أجل سد الثغرات التى تنتج عن تضاؤل الدولة وانخفاض حجم إنفاقها على الخدمات ،فتشارك المنظمات غير الحكومية السكان فى أكثر من 50% من مشروعات البنك الدولى بعد أن كانت تشارك فقط فى 30% فى أوائل التسعينات، وفى الامم المتحدة ارتفع عدد المنظمات غير الحكومية المسجلة بصفة استشارية فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى هى 41 منظمة عام 1948 إلى 377 منظمة عام 1968 ثم أصبح الآن حوالى 1550 منظمة. إلا أنه على الرغم من ذلك فإن الترتيبات الرسمية لمشاركة المنظمات غير الحكومية فى الأمم المتحدة تبقى غير ملائمة ،فهى منظمات استشارية فقط لصالح المجلس الاقتصادى والاجتماعى (وهو هيئة من هيئات الامم المتحدة مسئول عن دراسة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية ) ومع كل المحاولات التي تبدى من جانب المجلس للمشاركة مع هيئات الأمم المتحدة ،إلا أنه وحتي الآن ليس هناك ترتيبات معينة تتيح لهذه المنظمات فرصة المشاركة أو التداول مع صانعى القرار المهيمن فى الأمم المتحدة كالجمعية العامة ولجانها الرئيسية ومجلس الامن .
وعلى جانب آخر وعلى مستوى العالم العربى يرى البعض أن ظاهرة المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية التى اتسع نطاقها فى أوساط بعض المثقفين وبعض فئات المجتمع ظاهرة تشير إلى جانب مهم من عملية " التحديث والتطور" الجارية فى الوطن العربى ،ويعتقد البعض أن ازدياد استخدام المثقفين لمفهوم المجتمع المدنى راجع إلى الحاجة لوضع أداة "أيدلوجية" جديدة فى الوطن العربى فى مواجهة الخطاب المتخلف أو الرجعي، ويكفى للتعرف على حجم ظاهرة المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية على النطاق العربى أن نشير إلى أن عدد هذه المنظمات فى اليمن وحدها يقترب من حوالي 7000 منظمة وجمعية أهلية وفقاً لتقديرات المعنيين بوزارة الشؤون الاجتماعية،بينما يبلغ عدد هذه المنظمات فى الجزائر إلى حوالى 25 ألف منظمة أهلية منذ انهيار النظام القديم هناك عام 1988 ،وعلى مستوى الوطن العربى يرى البعض أن عدد المنظمات غير الحكومية يصل إلى ما يقرب من 70ألف منظمة أهلية .

ثالثاً: أهمية الجمعيات الاهلية والمنظمات غير الحكومية
تكمن أهمية الجمعيات والمنظمات غير الحكومية فى قدرتها على العمل على مستويات عديدة فى المجتمع ،وإن لم تستطع إحداث تغييرات سريعة وجذرية ،إلا أن تأثيرها السلمى التدريجى والمتعدد المستويات قد يساهم ايجابياً فى ايجاد ثقافة مدنية جديدة.
وتقوم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بعدة وظائف اجتماعية وثقافية منها محاربة الفساد والانعزال والانطوائية وزيادة ثقة الاعضاء بأنفسهم ،والمنظمات غير الحكومية لها وظائف اقتصادية مثل انتاج الخدمات "كالمشروعات الصغيرة التى تهدف الى انتاج بعض المواد الغذائية 000ألخ" وترشيد استخدام الموارد المحلية ،والمساعدة في حل بعض المشكلات الاجتماعية. كما تقوم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بوظائف سياسية أيضاً إذ تلعب دوراً هاماً فى تعزيز الديمقراطية ،وقد تحل محل الاحزاب السياسية في بعض الاحيان وخاصة فى مراحل الازمات ،كما تساعد المنظمات الافراد على تنمية مهاراتهم السياسية وتجند وتدرب القادة السياسيين وتشجع المشاركة فى الحياة العامة.
وللمنظمات غير الحكومية وظيفة أيدلوجية أخري فهى تساعد على تنمية حس الهوية الوطنية وتعزيزالانتماء وتمكين أفراد الشعب من حقوقهم ، وفى المجتمعات المتجانسة ثقافياً ودينياً تساهم المنظمات غير الحكومية فى تكريس وبناء أيدلوجية وطنية مشتركة وثقافة سياسية متجانسة.
إلا أن التغيرات فى دور المنظمات غير الحكومية قد تزامن مع التغيرات العالمية التى طرأت علي مفهوم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وحالياً تعرف المنظمات الخيرية التى تعنى بالاغاثة بأنها الجيل الاول اذ بدأت مسيرتها بجهود الخير والإحسان والإغاثة للفقراء ومحدودي الدخل وارتبطت أساساً بالمنظمات الدينية ،وتركزت نشاطات هذا الجيل الاول على تأمين خدمات الانعاش للفقراء والمحرومين وركزت على الاستجابة للحاجات الملحة عن طريق العمل المباشر كتأمين الغذاء والملاجئ والخدمات الصحية للأفراد وبقيت أعمالها رداً عفوياً ومتناسباً مع الحاجة وحجم الكارثة. وركز جيل المنظمات الثانى على استراتيجيات الاعتماد على الذات واعتماد مشاريع الانماء الاجتماعى فى ميادين مختلفة منها الوقاية الصحية وتحسين أساليب الزراعة وتحسين البنية التحتية وتقديم مساعدات طويلة الأمد لتستمر منافعها حتى بعد انتهاء عمل هذه المنظمات ، ورغم أن أعمال هذه المنظمات قد وازت وشابهت اعمال ونشاطات الحكومة في بعض الاحيان ،فهي قلما وجهت نقداً للحكومة أو لغيرها من مقدمى الخدمات.ورغم أن استراتيجية الجيل الثانى من المنظمات غير الحكومية ارتكزت على مفاهيم انمائية إلا أن فرضياتها بقيت سطحية جداً،اذ افترضت أن الجمود المحلي هو قلب المشكلة واعتقدت أن تخلف المجتمعات المحلية انما هو نتيجة للانعزال والتقاليد المحلية وضعف البرامج المدرسية وانعدام العناية الصحية. كما أن جهودها بقيت محصورة ومشتتة لدرجة لم تمكنها من إحداث تغيرات دائمة أو مهمة.
والجيل الثالث من المنظمات غير الحكومية قائم على افتراض أن التخلف المحلى مرده الي سياسات وممارسات وطنية وعالمية تسيطر على الموارد وتمنع الخدمات الحيوية عن الفقراء وتحافظ على نظام الفساد والهيمنة ،واستراتيجيتها هى تقوية جموع أفراد المجتمع وإتاحة الفرصة أمام الجميع كي يختار بإرادة حره واعية مصيره وقادته وإدارتها، وفى نفس الوقت بناء تحالفات وشراكات مع أفراد من داخل السلطة فى محاولة لجعل الحكومة أكثر تقدمية وانفتاحاً على الافكار والتطور الديمقراطى.وأصبح الآن عدد متزايد من المنظمات غير الحكومية يعنى بضرورة بذل جهد أكبر فى التعامل مع الأسباب الأساسية لتخلف المجتمع المحلى مما يفرض عليها تعاملاً مختلفاً مع كل من السياسات الوطنية والهياكل والمؤسسات الإدارية.
وتستهدف منظمات الجيل الثالث أيضاً إحداث تغييرات فى هذه الهياكل والسياسات على المستوى الاقليمى والوطنى والعالمى. وأغلب المنظمات التى تعتمد على هذه الرؤية قد تجد نفسها تعمل بشكل أو آخر مع الحكومات ،ويمثل العمل مع الحكومات تحدياً كبيراً لهذا النوع من المنظمات ،ويكمن هذا التحدى فى القدرة على المحافظة على الخط الرفيع الذى يفصل بين التعاون والاستسلام،وبين المواجهة والحفاظ على الاستقلالية.
إن المنظمات غير الحكومية لا تبدأ عملها لزاماً مع الالتزام بالتغيرات البنيوية والمؤسسية ،إلا أن المنظمات التى ترتكز على القيم ستجد نفسها لا محالة فى تعارض مع الواقع الاجتماعى ،وكلما زاد نشاطها وتوسعت اعمالها زاد وعيها للحاجة إلى تغييرات فى النظريات والبرامج والاستراتيجيات ،وبالتالي قدمت للدولة في بعض الأحيان مفاهيم تساعدها علي إعادة النظر في بعض برامجها كي تستمر موجودة في الهياكل الرئيسية للدولة.
ان العشوائية الاقتصادية والتى تعد إحدى سمات أنظمة العالم الثالث والتى تتمثل فى اندفاع حكومات تلك الدول نحو الخصخصة و الكف عن احتكار مصادر الانتاج تؤدى الى انه بدلا من التخطيط المعقول لتلك المصادر و الاستفادة من القطاع الخاص و استثماراته في خلق نوع من التنمية ليس فقط للافراد و لكن للدخل القومي نفسه كنوع من الخروج من دائرة التخلف و الفقر وكملطف جيد للتفاوت بين المواطنين في المجتمع ، فإن تلك الحكومات تتحول الى شريك قصير النظر لفئة قليلة فى المجتمع والدفع بلا توقف لملايين الفقراء الى ما بعد خط الفقر والامثلة كثيرة للممارسات الخاطئة منها الاتجاه نحو الصناعات الاستهلاكية وعدم الاهتمام بالاستثمار في الزراعة فضلا عن تفوق كفة الاستيراد عن التصدير بشكل كبير بالاضافة الى استيراد مواد استهلاكية او منتجات لها شبيه في الداخل .
وفي اثناء هذه العملية تزداد حاجة هؤلاء الملايين من الفقراء الى مؤسسات أهلية تلعب الدور المفقود للحكومة في التنمية وتوفير أساسيات الحياة من سكن آدمي و مأكل وفرصة عمل و تعليم و علاج ،بل وتدافع عن تلك الحقوق الأساسية كحقوق واجبة للأفراد .
وخلاصة القول وبعد هذا الإستعراض ترى الرابطة أن جمعيات ومنظمات العمل الأهلى تهدف إلى تنظيم الافراد لأنفسهم وبأنفسهم لممارسة حقوقهم المكفولة لهم بموجب الدستور والقانون والمواثيق الدولية ومواجهة مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية، ليتمكنوا من ادارة المجتمع بما يحفظ لهم حقوقهم فى مراقبة أعمال مؤسسات الدولة والمشاركة والتمكين .
وهذا العمل الأهلي بهذا المفهوم يخص كافة فئات المجتمع ،ونشاط الجمعيات والمؤسسات الأهلية هو عمل سياسى غير حزبى ،بمعنى أن كافة الأنشطة التى يقوم بها الأفراد والمؤسسات هى أعمال سياسية كالأنشطة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية 000ألخ هذا بالإضافة إلى أن نشاط العمل الأهلى يعتمد فى المقام الأول على الفئات الاجتماعية المختلفة والتى تبحث عن تنظيماً ذاتياً بشكل مستقلاً عن الدولة ،ولا يستهدف العمل الأهلى –كالاحزاب السياسية-تداول السلطة أو المشاركة فيها ،وإن كان يسهم بأدائه الواسع والفعال فى خلق مناخ أفضل لقيام مؤسسات أقرب الى تمثيل هؤلاء الناس ،مؤسسات تحاول أن تلبى احتياجاتهم ومشاكلهم.
ويشمل عمل جمعيات ومؤسسات العمل الاهلى كافة ميادين العمل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى والفكرى والعلمى والحقوقي الذى تقوم الفئات المختلفة بتنظيم أنفسها فيه،ومن ثم فهو لا يشمل العمل الخيرى فقط ،وهو ليس فقط لسد الفجوة التى قد تتنامى بين الخدمات التى تقدمها الدولة وملء الفراغ الذى تتركه مؤسساتها وعمل القطاع الخاص الهادف للربح،وبين الاحتياجات الاساسية للفئات المختلفة من الناس ،لكنه عمل أشمل من هذا بكثير يهدف الى تمكين المواطنين من إدارة حياتهم وتمكينهم من تقرير مصيرهم بإرادتهم.
كما أن منظمات وجمعيات العمل الأهلي لا تستهدف فقط تكوين مجموعات أو بعض مؤسسات من الخبراء الذين يتولون مهمة الفتوى فى شئون المجتمع بديلاً عن حركة الفئات الاجتماعية 00وبالتالى فإن المهمة المباشرة لهذا العمل الذى يتوقف عليه إنجاز بناء مؤسسات العمل الاهلى وانتشارها فى المجتمع هو دراسة وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التى تؤدى لتدهور الأوضاع وافتقار المواطنين وكذلك السعي لالغاء القوانين المقيدة للحريات ،كما تشمل هذه المهمة فضلاً عن ذلك مواجهة بنى القهر المختلفة التى قد توجد فى المجتمع،سواء أكانت تلك التى يحميها القانون أو تلك التى يفرضها واقع اجتماعى وثقافى متخلف مثل البنى الثقافية والاجتماعية التى تنتهك حق المواطنة أو حرية العقيدة أو حرية المرأة ،ومن ثم فإن مؤسسات العمل الاهلى تستهدف التنوير الثقافى والفكرى وإحداث المزيد من التطور والنماء ،بالاضافة الى ذلك فإن العمل الأهلى يخص كل فئات المجتمع ،وتشمل مهمة تشكيل منظماته تأسيس منظمات لكافة الفئات المختلفة 0
وكما أن العمل الاهلى يشمل أيضاً تشكيل منظمات أرباب الاعمال والعمال ،الملاك والمستأجرين-المنتج والمستهلك-الى آخر هذه الثنائيات .
والعمل الاهلى هو عمل تطوعى ينطلق من الانتماء الاجتماعى أو الفكرى للفئات الاجتماعية والمهنية المشتركة ،ويهدف الى اطلاق المبادرة سواء الجماعية أو الفردية من أجل تذليل كافة العقبات القانونية والادارية والواقعية التى تقف فى طريق تنظيم الافراد لأنفسهم وبأنفسهم،ومن ثم فإنه لامعنى للحديث عن العمل الاهلى اذا كانت كل خطوة فيه تتوقف على موافقة جهة الادارة .
و هذا بالضبط هو ما نعنيه بدور منظمات العمل الاهلي التنموية و الحقوقية ،إلا أن هذا الدور الذي تبدو الحاجة إليه ماسة و شديدة الأهمية تقف في طريقه العديد من الإشكاليات التي بعضها موضوعي خاص بالظروف المحيطه و بعضها ذاتي متعلق بالمنظمات نفسها وهو ما سنتناوله فى الجزء التالى .







الفصل الثانى
المشكلات العملية التي تواجه جمعيات ومنظمات العمل الأهلى فى اليمن

اولا: - الإطار التشريعي لحرية العمل الأهلي وحقوق الانسان في اليمن
الدستور :
ينص الدستور اليمني صراحةً على عدد من المبادئ والضمانات الأساسية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها،وحرية العمل الأهلي ، وأبرزها :
• (جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات). المادة [41].
• (تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسياً واقتصادياً وثقافياً وتصدر القوانين لتحقيق ذلك). المادة [24].
• (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون). المادة [42].
• (للمواطنين في عموم الجمهورية – بما لا يتعارض مع نصوص الدستور – الحق في تنظيم أنفسهم سياسياً، ومهنياً، ونقابياً، والحق في تكوين المنظمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتحادات الوطنية بما يخدم أهداف الدستور، وتضمن الدولة هذا الحق، كما تتخذ جميع الوسائل الضرورية التي تمكن المواطنين من ممارسته، وتضمن كافة الحريات للمؤسسات والمنظمات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية والاجتماعية). المادة [58].
• (حق الانتخاب والترشيح مكفول لكل مواطن). المادة [43].
• (لكل مواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون الأحكام المتعلقة بممارسة هذا الحق). المادة [43].
• (يتم انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب في انتخابات تنافسية). المادة [108-هـ].
• (تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم، ويحدد القانون الحالات التي يحرم فيها المواطن من حريته ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا بحكم من محكمة مختصة). المادة [48-أ].
• (يحق للمواطن أن يلجأ للقضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة، وله الحق في تقديم الشكاوى والانتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة). المادة [51].

القوانين الوطنية النافذة :
إضافة إلى المواد التي نص عليها الدستور اليمني وضمنت المواطنة المتساوية وكفلت الحقوق والحريات لكافة المواطنين بمافيها حق تأسيس الجمعيات الأهلية والنقابات والاحزاب السياسية، سن المشرع اليمني قوانين لتأكيدها ولضمان تحقيقها، أهمها:
• قانون السلطة القضائية رقم (1) لعام 1991م : (ينظم الإجراءات والحقوق والالتزامات الخاصة بالقضاة وأعضاء النيابة وشروط الالتحاق بالقضاء وغيرها من الإجراءات والمسائل الخاصة بالقضاء).
• قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم (1) لعام 2001م : (يهدف إلى توسيع مشاركة منظمات المجتمع المدني مع الحكومة في التنمية ويسهل فرص الحق في الإنشاء والتأسيس وينظم الإجراءات الخاصة والحقوق والالتزامات).
• قانون الجمعيات والاتحادات التعاونية رقم (39) لعام 1998م : (ويعنى بتنظيم عمل الجمعيات والاتحادات التعاونية ويعطيها الحق في ممارسة حقوقها ونشاطها بحرية ويقدم لها كل التسهيلات التي من شأنها تحقيق الأهداف على النحو الأكمل).
• قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم (66) لعام 1991م : (ويقدم الضمانات اللازمة لنشاط الأحزاب والتنظيمات السياسية بحرية وشفافية تامة).
• قانون الانتخابات العامة والاستفتاء رقم (31) لعام 2001م : (وتتناول مواده الحقوق والحريات السياسية الفردية والحزبية، وتحدد نصوص أحكامه تلك الحقوق وقواعد وإجراءات ممارستها وتختص بتنظيم الآلية المخولة دستورياً بإدارة العمليات الانتخابية).
• قانون تنظيم النقابات العمالية رقم (35) لعام 2002م : (ويهدف إلى تنظيم العمل النقابي بصورة ديمقراطية).

ثانيا : حرية تنظيم العمل الاهلي على ارض الواقع
في الواقع انه ومع قيام ثورتي 26سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1967م الخالدتين في اليمن ، ظهر عمل المنظمات والجمعيات الأهلية وتطور تبعا للتغيرات السياسية والاقتصادية، حيث ظهرت تيارات واتجاهات تنادي بالإصلاح الاجتماعي ووضع أنظمة التكافل الاجتماعي والخدمة الاجتماعية. وبعد أن وضعت دراسات عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في اليمن 1962 بمساعدة فنية من جمهورية مصر العربية ، صدر قانون الجمعيات والمنظمات والهيئات الأهلية رقم لعام 1962. ثم تتالت القرارات والقوانين التي تنظم مواضيع التأمين الصحي وتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة وقواعد إنشاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية. بناء على تلك الأنظمة تم تأسيس العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي قام بها الأهالي وازداد عددها وتعددت أدوارها ووظائفها.
أما المرحلة الثانية لتطور عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية اليمنية، فهي مرحلة مابعدقيام الوحدة اليمنية في 22مايو 1990م وإعلان قيام الجمهورية اليمنية , حيث أكدت الجمهورية اليمنية تمسكها و تأييدها المطلق لكل الإعلانات و المعاهدات و الأعراف الدولية و الإقليمية التي تعالج مسالة تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في العملية التنموية والاجتماعية والاقتصادية ,حيث شهد قطاع المجتمع المدني اليمني منذ عام 1990م، تطوراً حيوياً بفعل التوجهات السياسية والاقتصادية للدولة، التي عززت التزاماتها في مجال حرية المواطنين وضمان حقهم في تكوين المنظمات السياسية والأهلية، وتوفير مناخ ملائم لتفعيل برامجها الأدائية وتوسيع قاعدة اهتماماتها وشراكتها الفعَّالة وارتفاع عددها إلى (ستة آلاف) منظمة أهلية وتعاونية ونقابية. وتتداخل أهداف هذه المنظمات ما بين الرعاية الاجتماعية، وحقوق المواطن وحقوق الإنسان وحماية البيئة، وتحسين أوضاع المرأة، ونشر ثقافة المجتمع المدني، وتكريس مبدأ المواطنة، وتحسين أوضاع الأطفال وغيرها من المجالات المرتبطة بحقوق الإنسان وحرياته العامة. وتأسيساً على ذلك فقد أصدر البرلمان اليمني عدداً من القوانين الناظمة والملبية لهذه الاحتياجات القانونية.فنجده في مجال تعزيز دور منظمات المجتمع المدني قد صادق على قانون تقدمي نموذجي هو القانون الأول على مستوى الشرق الأوسط كقانون للجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 1 لسنة 2001م النافذ., حيث ينص على استقلال المنظمات الأهلية الكامل في تنظيمها وإدارتها لشؤونها وأنشطتها بعيدا عن أي رقابة للحكومة أو أي جهة أخرى ,وأن ذلك هومن اختصاص الاتحاد العام اليمني للجمعيات والمؤسسات الأهلية اليمنية المنتخب من بين المنظمات ذاتها,والذي سيتولى مهام التنظيم والإشراف والتطوير لقطاع العمل الأهلي اليمني (بدلا عن وزارة الشؤون الاجتماعية حاليا)،وكشريك فعلي للقطاع العام والقطاع الخاص في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبناء الدولة اليمنية الحديثة . وبالتالي فان هذا القانون قد نقل حق الإشراف والتنظيم لهذا القطاع من الوزارة إلى الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية المنتخب , بهدف ضمان استقلاليتها وإدارتها لشؤونها بدون تدخل من الدولة هذا من جانب , ومن جانب آخر إلى تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في العملية التنموية والاجتماعية والاقتصادية والتشبيك مع مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وأعضاء المجلس التشريعي، للضغط والدعوة باتجاه طرح أجندة اجتماعية تقدمية، من أجل ضمان تحقيق التكامل بين المبادئ الديمقراطية في التشريعات والسياسات المقرّة من قبل مجلس النواب في هذا الموضوع ,وتحددت بموجبه أنظمة الجمعيات ضمن إطار عام يشمل ثلاثة عشر بنداً يتوجب على الجمعيات والمنظمات الأهلية العمل بموجبه.
هذا وقد بلغ عدد الجمعيات والمنظمات الأهلية غير الحكومية بالمعنى الحصري,والتي تملك استقلالاً نسبيا عن الدولة 6900 جمعية ومنظمة أهلية سنة 2008م بحسب تقرير حكومة اليمن إلى مؤتمر حقوق الإنسان في جنيف2008م .
وتنقسم الجمعيات والمؤسسات الأهلية حسب نوع النشاط والأهداف إلى خمس مجموعات:
ـ أولاً: مجموعات الجمعيات الخيرية ويبلغ عددها 1400 جمعية، تضم جمعيات المساعدة الخيرية والجمعيات التعليمية الخيرية.
ـ ثانياً: مجموعة الجمعيات الثقافية ويبلغ عددها 127 جمعية، تضم الجمعيات الفنية والأدبية والجمعيات العلمية.
ـ ثالثاً: مجموعات النقابات والمنظمات الأهلية الحقوقية والتنموية والروابط والاتحادات النقابية العمالية والاجتماعية والنوادي ويبلغ عددها 3503 جمعية وتضم: نقابات مهنية وعمالية ,ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وجمعيات كفالة الأيتام، ، جمعيات رعاية المسنين، جمعيات رعاية المعوقين جسدياً والمكفوفين والمتخلفين عقلياً والصم والبكم والنوادي الريفية ورعاية الأطفال.
ـ رابعاً: مجموعة الجمعيات الصحية والبيئية ويبلغ عددها 206 جمعية.
ـ خامساً: مجموعة الجمعيات التعاونية والزراعية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ويبلغ عددها 90 جمعية.
أما أبرز المنظمات غير الحكومية الفاعلة في مجال حقوق الإنسان، المؤسسات الآتية : (الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية، اتحاد المهن التعليمية،رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة , مؤسسة دعم التوجه المدني الديمقراطي [مدى] – المؤسسة العربية لحقوق الإنسان –– مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان – المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية – اتحاد نساء اليمن – ملتقى المجتمع المدني – منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان – ملتقى المرأة للدراسات والتدريب – مؤسسات نشطاء لحقوق الإنسان – المنظمة الوطنية للرقابة على الانتخابات – اللجنة الوطنية لدعم الحريات – مركز عدن لحقوق الإنسان).

وبرغم هذه المساهمة الإيجابية وهي أحد وجوه العمل الأهلي في اليمن ,إلا انه لايزال يعاني جملة من المشكلات التشريعية والتنظيمية والقانونية،أهمها ضعف وتشتت وعدم فاعلية مؤسسات المجتمع المدني اليمني غير الحكومية كمؤسسات شريكة للحكومة والمجتمع, في التأثير على السياسات العامة للدولة وفي صنع القرار ,بسبب غياب تمثيل مرجعي لمؤسسات المجتمع المدني اليمني غير الحكومية في هيكل بناء الدولة اليمنية الحديثة.بل و ضعف مستوى الحوار والشراكة الاجتماعية والاقتصادية بين الشركاء الاجتماعيين و الاقتصاديين في بناء الدولة وتنمية الإنسان اليمني .كما يشكو من قلة المشاركة وانخفاض عدد المتطوعين وخصوصاً بين فئات الشباب.
ومع ذلك، تبقى مساهمة المنظمات الأهلية في اليمن في عملية التنمية البشرية على أهميتها أقل من المأمول وتحتاج إلى مزيد من التنسيق والتعاون بين كافة الجهات المعنية بالشأن التنموي. كما ويحتاج تفعيلها إلى مجموعة إجراءات نعتقد أن أهمها هو:
ـ تفعيل وتحديث القوانين الوطنية الناظمة للعمل الأهلي بما يتوافق مع المعايير الدولية ،والمستجدات الاقتصادية والاجتماعية وبما يكفل للمنظمات الأهلية القائمة المشاركة والتطوع استقلالاً واسعاً في الإدارة والتنظيم ورسم الاستراتيجيات.
ـ بناء وتطوير قدرات الكفاءات البشرية لهذه المنظمات وتمكينها من تحقيق أهدافها في إطار من الشفافية والوضوح، خصوصاً فيما يتعلق بالموارد والتمويل وتوزيع الخدمات على المستفيدين لتجسيد مشاركتها الفعلية في عملية التنمية.
ـ التخلص من المعوقات والمشكلات التي تواجه عمل المنظمات الأهلية كما بينت المعطيات الميدانية والتي من أهمها: محاولات البعض تحقيق الاستفادة الشخصية، تفشي ظاهرة الشللية والمحاباة في تنفيذ الأعمال عبر الاستعانة بكوادر غير كفوءة اعتماداً على المعارف الشخصية والقرابة، إضافة إلى ما لمسناه من اعتبار أعمال الجمعيات من الأسرار المغلقة التي يجب عدم مناقشتها مع الغير. علما بأن هذه العقبات تتعارض مع الشروط الدنيا التي يجب توفرها لإنجاح عمل الهيئات والمنظمات الأهلية. هذه الشروط تقوم على: وضوح أهداف وغايات الجمعية، وضع قواعد العمل بناء على التخطيط المدروس، تنظيم نشاط المشاركين بعيداً عن رتابة التنظيم البيروقراطي وتعقّد إجراءاته.
ـ بهذا قد تصبح المنظمات الأهلية شريكاً حقيقياً في عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي التي تشهدها اليمن والتي تحتاج إلى جهود ومساهمات كل الفئات والقطاعات المجتمعية صاحبة المصلحة الفعلية في التنمية والتحديث.

على الرغم من وجود العديد من مؤسسات المجتمع المدنى الأهلية فى اليمن مثل الاحزاب السياسية و النقابات العمالية و المهنية و الجمعيات الخيرية و الاتحادات و الروابط والجمعيات المهنية و الثقافية و الفكرية و المراكز البحثية وغرف التجارة و الصناعة والهيئات الحرفية والمؤسسات الدينية التي لا تخضع لسلطة الدولة المباشرة ،إلا أن دراستنا تنحصر بوجه خاص في اشكاليات الاداء التي تواجه حرية مؤسسات العمل الأهلى بأنواعها المختلفة . أي أن محور هذه الدراسة هو بحث الظروف و الاشكاليات المحيطة بمؤسسات العمل الاهلي عموما ؛ متطرقين في ذلك الى ماهية تلك المؤسسات والدور الذي تلعبه ،ومدى تأثيرها على الفئات المختلفة فى المجتمع ،وعلاقتها بالدولة والعقبات التي تقف في طريقها نحو التطور والنمو بشكل صحي غير مشوه .

*المشكلات العملية التي تواجه جمعيات ومنظمات العمل الأهلية

قبل الحديث عن حرية الجمعيات والمؤسسات الاهلية في بلادنا ،علينا أن نتذكر أن اليمن تعتبر من أفضل دول الوطن العربي و دول العالم الثالث في مجال ممارسة الديمقراطية وتعزيز حرية الجمعيات الاهلية ،لكن اليمن تعاني من نفس الأمراض التي تعاني منها دول العالم الثالث على الأصعدة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ،والتي يمكن تلخيصها فى الأزمة الاقتصادية المستمرة فى العالم الثالث والتى يدفع ثمنها الغالبية العظمى من السكان ،كما أننا نؤكد على أننا جزء من تطور عالمى تعانى فيه دول العالم الثالث من الفقر والتخلف و التطور اللامتكافئ ، لذلك فإن الحلول التى يجب أن تطرح عليها هي معالجة فجوة الفقر وازدياد البطالة الواضحة بين فئات الناس المختلفة ،إن تلك الحلول يجب أن تتخلى الدولة عن تمسكها الأبدي بتبعية كل المؤسسات لأجهزتها ،ووقف التمييز بين مؤسسات المجتمع المدنى . ويفضي ذلك إلى أنه حتى في محاولات دول العالم الثالث نحو الخروج من قوقعة الحكم الشمولي و ممارسة التحرر الاقتصادي فانها تقع في أزمة ممارسة العشوائية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية دون أن يكون لذلك أي أساس على أرض الواقع .

ومعلوم إن الحديث عن الديمقراطية والتعددية وقبول الآخر وكفالة حقوق الإنسان يصبح حديث بلا معنى فى أى بلد من البلدان ،ما لم يكفل للأفراد حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الاهلية ،وما لم يٌتَحْ لجميع الأفراد فى المجتمع الفرص المتساوية والمتكافئة لممارسة هذا الحق .
وهذا الأمر لا يأتى فقط بوجود نصوص فى الدستورأوالقانون وإنما يأتى بالممارسات القانونية والواقعية التى تسمح أو لا تسمح بتمكين أفراد المجتمع من ممارسة هذه الحقوق والأنشطة، كممارسات تحفز وتهئ المناخ لإشراك المواطنين فى صياغة وإدارة وتنفيذ البرامج والسياسات المختلفة التى تطبق عليهم وهو دور أية حكومة ترغب فى وضع اللبنة الأولى للتطور الديمقراطى .
إن كفالة حرية وإستقلال العمل الأهلى هو الضمانة الوحيدة لتقوية المجتمع وتنميته00ولكى تتمكن منظمات العمل الأهلى من تحقيق أهدافها يجب علينا معالجة المعوقات التى تعترض طريق هذه المنظمات ،كما يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار تلك الاشكاليات والتحديات التنطيمية والعملية وهى كالأتى :

أولاً- تنافس الحكومة والأحزاب على منظمات العمل الاهلي (ماليا ـ ـثقافيا ـ اداريا )
إن تنافس الحكومة والأحزاب (الحاكمة او المعارضة)على منظمات العمل الاهلي (ماليا ـ ثقافيا ـ اداريا )يؤدي الى شلل يصيب العمل الاهلي بسبب السيطرة على جمعيات المجتمع والتدخل الذي تفرضه في كل كبيرة و صغيرة تخص العمل داخل منظمات العمل الأهلي بشكل ينقص استقلالية تلك المنظمات و يحد من حريتها ،وبالتالي يؤدى إلى إهدار لدور العمل الاهلي المفترض فيه الاستقلالية وحماية الجميع وكفالة حق التساوى فى تكافؤ الفرص لجميع الأفراد . كما لا تفوتنا الإشارة في هذا المجال الى أن الحكومة تتعامل مع منظمات العمل الأهلي نفسها بنوع من التمييز. حيث تميز مثلا بين المنظمات التنموية الخالصة التي ليس للعاملين فيها أى نقاط خلافية مع سياسات الحكومة و بين تلك المنظمات الحقوقية التي تسعي لتنمية وعي الأفراد بحقوقهم أو تتعرض لمعاناتهم أو لرصد الانتهاكات. فنجد أنها لا تجد الكثير من المخالفات القانونية التي تفرضها على النوع الأول وتقدم لها الدعم المالي بينما بالنسبة للمنظمات الحقوقية فإنها تمنع الدعم المالي عليها.
و هذا التمييز النوعي بين المنظمات الأهلية لا يتوقف عند هذا الحد فنجد أن هناك فارق كبير بين منظمات التنمية وحقوق الانسان التي يقوم على تأسيسها أفراد عاديين فى المجتمع ،وبين تلك المنظمات التي يؤسسها رجال أعمال وشخصيات اجتماعية وحزبية كبيرة. و ذلك النوع من المنظمات ( (منظمات رجال الاعمال والمشائخ والوجهاء) و إن كانت حديثة الظهورعلى الساحة اليمنية وبعضها لايحمل ترخيصا رسميا من الجهات المختصة ،إلا أنها تلقى ترحيبا كبيرا من وسائل الاعلام الحكومية والأهلية ،وتترك لها المجال مفتوحا للتعامل مع الجهات الاجنبية بغرض عقد الصفقات التجارية ولوعلى حساب الوطن احيانا وغير ذلك دون دفع الاتهامات في وجوههم و دون ملاحقتهم قضائيا . بالاضافة الى أن الحكومة لم تقم بغلق أو دمج أي من منظمات المشائخ ورجال الاعمال على الرغم من أنها لا تنفذ أيا من المشروعات و الأهداف المنشأة لأجلها ،حيث تنحصر أعمالهم في العطايا والهبات التي يمنحونها للفقراء في المناسبات واستثمارذلك لأغراض حزبية أو سياسية ،هذا فضلا عن إقامة الحفلات و المسابقات وتوزيع الجوائز . بالرغم من أن هذه الفئات تمتلك المال الذي يسمح لها بإحداث نقلات نوعية في مجال التنمية ،و هو الأمر الذي يحدث في دول العالم المتقدمة وبعض الدول النامية حيث تعتمد الحكومة هناك في جزء كبير من مشروعاتها التنموية على منظمات رجال الاعمال .
ومما لا شك فيه أن هذا الدور الذي تلعبه الحكومة اليمنية يأتي بسبب السياسات العشوائية والتي تفتقر إلى التخطيط والاستراتيجيات الواضحة ،حيث أن هذه السياسات تفشل أحياناً في إشراك العديد من أصحاب رؤوس الاموال في عملية التنمية الحقيقية وفى تنمية العمل الأهلى ذاته. حيث ينتج عن ذلك تدهور لأوضاع المواطنين دون محاولة تقديم بعض التنازلات المفيدة لأعمال التنمية والمشاركة والتطور الديمقراطى وتقدم مجتمعاتنا .
ثانياًـ القائمون على العمل الأهلي … مشكلات ذاتية :
لعل القارئ قد أدرك من السطور السابقة أن الظروف الموضوعية المحيطة بالعمل الأهلي لا تمنح الفرصة الحقيقية لنمو و تطور هذا العمل ،وإنما تفرض عليه العديد من العقبات و القيود . وإن كنا نعترف بأن تلك الظروف تعمل على إجهاض دور العمل الاهلي في تمكين المواطنين وإشراكهم في عملية التطور ،إلا أننا لا نغفل في الوقت نفسه الظرف الذاتي المتمثل في بعض القائمين على العمل الأهلي أنفسهم . حيث لا يتطلب الأمر الكثير من البحث لتطفو على السطح مشكلات عديدة خاصة بالعاملين في المنظمات الحقوقية غير الحكومية و جمعيات التنمية والمجتمع المحلى ؛ تلك المشكلات قد تتباين في حدتها و تأثيرها ،إلا أن هناك نوع من العلاقة الجدلية بينها و بين الظروف الموضوعية المحيطة ، بل أننا لا نتمكن في بعض الاحيان من معرفة أيهما سببا في الآخر .
وتبرز أحد أهم تلك المشكلات في تساؤل : ماذا يعني العمل الاهلي بالنسبة للقائمين عليه ؟ .
في الواقع هناك تشوش كبير في فهم الدور الملقى على عاتق هؤلاء ؛ إذ أن معظم القائمين على ادارة منظمات العمل الاهلي لا يدركون على وجه التحديد ما هو المطلوب منهم للفئة التي يتوجهون اليها . أو بمعني أدق ما هو الاسلوب الذي يجب اتباعة من أجل تمكين تلك الفئة وإشراكها في عملية البناء ،حيث أن التمكين يعد من أحد المبادئ والأهداف لمنظمات العمل الاهلي فى اليمن والعالم . فنجد أن الشكل التقليدي للغالبية من الجمعيات والمنظمات العاملة فى مجال العمل الأهلى ينحو باتجاه العمل الخيري الذي تلعب فيه المنظمة أو الجمعية دور المانح أو القائم على المشروع ،بل إن تلك المشروعات نفسها عادة ما لا تتمايز بشكل كبير عن غيرها من المشروعات الخيرية مثل المستوصفات و فصول محو الامية 000إلخ والتي لا تحتوي مقرراتها على ما يخلق وعيا مغايرا لدى الافراد بحقوقهم داخل مجتمعهم، بل تدرس نفس المواد الحكومية التقليدية ،وإن كنا نؤكد على أهمية هذا العمل ،إلا أننا نؤكد أيضاً على أن تلك المشروعات هي الأكثر انتشارا وقبولاً لدى الجمعيات وبالتالى تغيب الادوار الأخرى لهذه الجمعيات فى التمكين والتنمية وتحفيز الناس للمشاركة. بل يصل الامر أحيانا الى تحول جمعيات ومنظمات العمل الاهلي الى الخدمة الشديدة المباشرة فتصبح في بعض الاحيان تقوم بمنح السكان الطعام و بعض النقود في المواسم . و تلك الخدمات وإن كنا لا ننكر أهميتها للناس وإن بعض المواطنين فى حاجة إليها ،الا أنه لا يمكن أن يقتصر دور منظمات العمل الأهلي على القيام بها فقط ،لأن ذلك يجعل مجتمعنا مجتمع عقيم ويفرض عليه أوضاعاً متخلفة فى ظل عالم دخلت فيه الأقمار الصناعية والانترنيت المنازل والمقاهى ،ولا يستبعد أن تقود المنظمات الغير حكومية جزء كبير من سياسات هذا العالم .فأين منظماتنا الغير حكومية التى ستواجه مثيلاتها فى العالم ؟وأين الجماهير التى ستحافظ على خصوصيتها فى ظل هذا العالم الذى تفقد الدول فيه جزء من سيادتها ؟. إن الوظيفة الحقيقية للعمل الاهلي هو تنظيم الأفراد الغير مشاركيين أساسا فى ممارسة إدارة حياتهم و التحكم في مصادر بيئتهم بما يسمح لهم بأن يكونوا قوة حقيقية ملموسة الصوت داخل المجتمع كما أن تمكين هؤلاء الناس هو هدف أساسى للعمل الأهلى . و لا يمكن لأحد الزعم بأن الناس تفتقر الى الرغبة في المشاركة و القدرة على التنظيم الا انها تحتاج الى خطوة البداية الحقيقية والمتمثلة في منحهم الخبرة و الثقة على الفعل ،أضف إلى هذا أن قلة الامكانيات وضعف القدرات المادية والبشرية للمنظمات وغياب إستخدام التكنولوجيا وغياب الكفاءات المهنية وضعف القدرات البشرية وغياب سبل الادارة الجيدة للمنظمات كل هذا يؤدى لمشكلات تؤثر سلباً على أنشطة المنظمات ودورها بالاضافة الى غياب التدريب والرعاية التى يجب أن تساهم الوزارات المختلفة فى إيجاد حلول لها .
و مشكلة عدم إدراك هذا الدور الجوهري لمنظمات العمل الاهلي في الحقيقة ليست بسيطة كما انها ليست مشكلة واحدة في حد ذاتها . فاستبدال الجماهير ببعض الافراد هم اعضاء تلك المنظمات يمنحهم وضعا فوقيا يجبرهم على الوقوف إزائه في موقع المانح و المقدم للخدمات طوال الوقت .
و في ظل الظروف التي تحدثنا عنها سابقا يجرنا ذلك الى نقطتين . أحدهما انه مهما كثر عدد المنظمات الاهلية فإنها لن تمثل أي ضغط طالما اختارت وضع النخبة و بالتالي فإن مجموعة " القادة " القادرين على حل جميع المشكلات و التوسط لدى جميع الجهات -كما هي رؤية الناس للعاملين بالمنظمات الاهلية - سيفقدون ثقة هؤلاء الناس تدريجيا عندما يجدون ظروفهم كما هي لا تتغير،أو عندما يحقق مطالبهم كلها أحد مرشحي الانتخابات أو أحد رجال الأعمال وتضيع بالتالى أهداف العمل الأهلى فى التمكين خلف الظروف الموضوعية والذاتية للجمعيات والتى ستؤدى الى أزمة لا يمكن تداركها .
ثالثا_ أزمة التمويل
ان الأزمة الاخرى التي لاتقل خطورة عن سابقاتها هي أزمة التمويل ؛ حيث أن وضع النخبة هذا يجعل عبء تمويل المشروعات و تمويل الخدمات يقع على عاتق المنظمات نفسها دون اشراك الناس و لو بشكل رمزي ،و هو الامر الذي يزيد من الفجوة بين منظمات العمل الاهلي والمواطنين من جهه و يوقع تلك المنظمات في ظروف الحاجة الدائمة للمال من جهة أخرى . و من ثم تلجأ تلك المنظمات لجهات تمويل سواء داخلية أو خارجية ،الا انها في جميع الاحيان تفسح المجال للتدخل من جهات أخرى سواء داخلية او خارجية مما يحرمها من الاستقلال على أصعدة أخرى . بالاضافة الى ذلك فإن الانفصال بين المواطنين والمنظمات يؤدي تدريجيا الى تقوقع العاملين بتلك المنظمات حول أنفسهم دون أن تقدم للناس سوى بعض الخدمات بهدف الإستمرار فى الأنشطة ؛ الامر الذي يخلق من منظمات العمل الاهلي في النهاية مجموعة من الكيانات المنعزلة فعليا عن جموع المواطنين المتنافسة على موضوعات بعيدة عن أهداف العمل الأهلى نفسه؛ وإن اشراك المواطنين فى تحمل مسئولية الجمعيات لكفيل تلك القوة القادرة وحدها على حماية العمل الاهلي والتخلص من كافة معوقاته ولن يتم ذلك إلا بإلتفاف المنظمات حول الجموع الفقيرة من الناس ومشاركتهم في نقل الخبرة والبناء و صنع القرار .
ويمكننا إذا أن نجزم بأن المأزق الذي يعانيه العمل الاهلي يتمحور في الاساس حول انعزال تلك المنظمات عن أفراد المجتمع مما يمنعها من خلق جذور داخل هذا المجتمع تمكنها من فهمه وخلق علاقه جدلية معه لتبادل المعارف والخبرات بينهما و بالتالي حماية الجمعيات والمنظمات من محاولات عدم الاستقلال والتهميش ووقف النشاط والشلل فى النهاية .

رابعاًـ العولمة وتحديات المستقبل
بالنسبة لحكومات العالم الثالث فإن مصطلح " العولمة " ينحصر في معناه الاقتصادي ،فمعظم الحكومات لا ترغب سوى فى عولمة الرأسمال .. الا ان المسألة في الحقيقة تتجاوز هذا المعنى الجزئي لتشمل كل مجالات الحياة .. بمعنى أن تلك القرية الصغيرة المسماة (عالم) لن يتم التعامل بين دولها فقط اقتصاديا ،وانما ستخرج التأثيرات الثقافية و الاجتماعية و الفكرية من كل مكان لتجتاح الجميع . فشبكة الاتصالات " الانترنت " التى تسهل العمل فى البورصة وبين الشركات الضخمة ووكلائها فى الداخل ،فإنها في الوقت نفسه تيسر على الشباب الحصول على ثقافات أخرى والنظر الى عالم آخر مختلف ...
لقد ثار الجدل طويلا بين المهتمين بمستقبل بلادنا حول أي الطرق علينا أن نسلك هل نندمج أم نتمسك بهويتنا ؟.. وحول العصر القادم هل هو عصر الدولة الرئيسة صاحبة السيادة على أفرادها وأرضها أم أنه عصر القرية الواحدة غير محددة السيادة ؟… صحيح أنه في النهاية لم يصل أحد الى رؤية واحدة الا أن للواقع رؤية أخرى واضحة .. فالاندماج والتحرر الاقتصادي الذي تسير فيه حكوماتنا بخطى حثيثة يصاحبه على مستوى آخر اندماجا ثقافيا يمس قطاعا كبيرا من المجتمع و هو قطاع الطبقة الوسطى الذين يملكون العلم و الثقافة والطموح ،الا انهم لا يجدون أي تحقق لطموحاتهم على أرض الواقع . و ذلك القطاع هو نفسه الذي قاد تاريخياً حركات التحرر في العالم، وهو الذي يحيط بمنظمات العمل الاهلي محاولاً جذب قطاعات أوسع من المجتمع تعاني أيضا من الفقر والاضطهاد و التهميش.
أي أننا الآن أمام وضع له و جهين ؛ فبالنسبة للحكومات فإن الجوانب الاخرى من العولمة لا تقل أهمية عن العولمة الاقتصادية نفسها، والعولمة فى الجوانب الأخرى تحد من سيطرة الدولة على وسائل الاعلام وعلى الافكار والمعتقدات ، لكنها تعطى للناس الثقة فى أنفسهم وبأنهم قادرون على الفهم والتعلم والمواجهة دون وصاية ،والفرق الكبير بين العولمة الاقتصادية وبين تلك المفاهيم . ومن ناحية أخرى فإن هناك دور خطير يقع على منظمات العمل الاهلي بكافة أنواعها . فالفقر و المستوى المتدني للمعيشة قد يقف حائلا بين قطاعات كبيرة من المزارعين والعمال وبين ذلك المد الثقافي المغاير الذي يأتي من الخارج . الا ان هؤلاء في الوقت نفسه يعيشون في أسوأ الظروف التي تدفعهم دفعا للتعلق بالمؤسسات التي تكون قادره بالفعل ليس على منحهم ما يحتاجون اليه بشكل مؤقت ،وإنما على تمكينهم وتوعيتهم بحقوقهم. وهنا يأتي دور القائمين على العمل الأهلى ،والذي يملك الى جانب التعريف بمشكلات المجتمع الحماس و القدرة على الجدل والتفكير والتعلم من الواقع ، لانه يحتك يومياً بالمواطنين ومرتبط بهم والعكس.
إن ممارسة المواطنين للنشاط فى منظمات وجمعيات العمل الاهلي هو السبيل الوحيد نحو تحقيق أهداف التنمية والتقدم والتطور، ونحو مواجهة ما يحدث فى العالم وتحديها بالعلم والثقافة والتقدم التكنولوجى والعلمى ،ونحو خلق جذور داخل المجتمع من المواطنين، جذور قوية متأثرة بالعالم ،ولكنها تحمى وحدتها وخصوصيتها وثقافتها لأنها تحمى نفسها . قد يكون مثل هذا الطرح جديد ،الا ان وجود مناخ الانفتاح الثقافي و الفكري والاقتصادي أيضا على العالم يتيح لنا فرصة كبرى لاعادة طرح هذه الافكار،لان ذلك يهيئ السبيل للأفراد القادرين على تعليم الناس وتمكينهم وتوعيتهم إلى ما هو ضد مصالحهم فى نظرية القرية الواحدة . و هو الامر الذي ستقف أمامه البنى و المؤسسات الحكومية مهما بلغت قوتها عاجزة عن السيطرة عليه ،ولن يكون هناك حلول أمامها سوى سماع صوت هؤلاء والتنازل أمام رغباتهم لا الدفع بهم بغير ارادة منها إلى الإنعزال والفقروالتخلف.
ان هذا الهدف لن يتحقق اذا لم تتمكن منظمات العمل الاهلي من الخروج عن عزلتها ،والتخلص من أمراضها الذاتية والانفتاح على المجتمع الذي لا يتمثل فقط في الفئات الفقيرة ،وانما في الملايين من أبناء هذا الوطن الذين هم بمثابة الأرضية الخصبة للمجتمع المدنى ،ولن يتم ذلك إلا بوجود جمعيات ومؤسسات أهلية قوية وذلك هو الخطوة الاولي نحو الوصول للناس وتحفيزهم للمشاركة من أجل وطن للجميع .

*أوجه الضعف والقصور في أداء الجمعيات الاهلية في اليمن
هناك إجماع أو اتفاق مع المشتغلين بعلم الاجتماع والمهتمين بقضايا التطور والتنمية على أن التنمية الحقيقية هي التي تقوم بالشراكة المتبادلة بين الجهود الحكومية والأهلية معاً، وعلى أن يقدم كل طرف ما لديه ويسهم بما في وسعه لمواجهة مشكلات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والصحية.. وغيرها وما نراه جميعا في بلادنا اليوم من تواجد كبير وانتشار واسع لمنظمات المجتمع المدني ودور تلك المنظمات في التطور الاجتماعي والاقتصادي، في تطوير وتدعيم التنمية حيث أن البعض منها أصبح لها نشاطاً ملحوظاً في برامج وخطط التنمية في تنفيذ بعض أهداف وبرامج السياسة السكانية وكذا في مجالات البيئة ومكافحة واستراتيجية الفقر.. الخ.
ونظراً لإدراك الدولة للدور المهم لهذه المنظمات فقد ساهمت في تقديم العون لها عن طريق تقديم الإعفاءات الجمركية والضريبية وتذليل الصعاب وتقديم التسهيلات والتخفيف من الإجراءات الروتينية الخاصة بإنشاء تلك المنظمات ومنها مساحة كافية للعمل والتحرك كشريك فاعل وهام في عملية التنمية ولمواجهة الاحتياجات، الضرورية، وقد أصبح متاحا لمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني العمل على كافة المستويات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية وتدخل كشريك هام فعلا في عمليات البناء والتطوير ومنها أنها أصبحت تعمل في مختلف الأنشطة الحيوية مثل:
- تدعيم الخدمات الصحية وخاصة في المناطق الريفية القريبة (أملا في تدعيم تلك الخدمات في المناطق البعيدة والنائية).
- العمل في مشاريع الرعاية الصحية الأولية والصحة الإنجابية
- في مجال المشاريع الإنتاجية الصغيرة
- في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات
- في مجال التدريب والتأهيل ومحو الأمية.
- في مجال متابعة إستراتيجية مكافحة الفقر.
- في مجال التنمية والاهتمام بالطفولة والشباب.
- في مجال الإسهام في تنمية المجتمعات المحلية.
- في مجال الخدمات، العامة وتقوية البنية الأساسية للمجتمع.

ورغم ذلك فإن هناك بعض أوجه القصور في ميدان عمل مؤسسات المجتمع المدني نذكر منها بإيجاز ما يلي:

1- التكوين والتسمية
لو نظرنا إلى المسمى السائد لمعظم منظمات المجتمع المدني اليمنية أن معظمها إن لم يكن جميعها ينطوي تحت مسمى "جمعية" ولو تمعنا لوجدنا أن غالبيتها يحمل اسم "جمعية خيرية" وهذا دليل على أن معظم تلك الجمعيات كانت بدايتها من منطلق العمل الخيري أو الإحسان والتي يتبناها البعض إما من القطاع الخاص أو من مجموعة من الأشخاص يسعون لتقديم العون والمساعدة لشريحة معينة من الناس في إطار مناطقهم، وبذلك انحصرت تلك الجمعيات في مناطق دون أخرى، كما طرأ على تكوين تلك الجمعيات نوعا من العشوائية من حيث النشأة وضعف الجانب التنموي وضعف القضايا المطلبية للتنمية الشاملة وانحصر عملها في الجانب الخدمي أو الدعائي الموسمي المعتمد على المساعدات والمعونات التي يقدمها المانحين.

2- الخدمات:
- اتسم نشاط تلك الجمعيات والمنظمات بالطابع التقليدي لتقديم الأعمال الخيرية.
- تقدم هذه الأعمال موسميا وفي مناسبات معينة.
- بقاء معظم المستفيدين والمستهدفين من تلك الخدمات كفئات غير منتجة وغير عاملة بانتظار الهبات والمساعدات التي سوف تقدمها لهم تلك الجمعيات.وبالتالي لم يرتبط نشاط تلك الجمعيات بالعمل الاجتماعي، والتنموي بمفهومه الشامل.

3- مصادر الدعم المالي:
- ارتباط قيام أو إنشاء أو استمرار إنشاء تلك الجمعيات أو المنظمات بتوفير الدعم المادي سواء من المؤسسات والهيئات الحكومية أو الأهلية أو فاعلي الخير، فإذا توقف هذا الدعم توقف نشاط تلك الجمعيات.
- ضآلة الدعم المقدم من المؤسسات الحكومية المعنية أو الوكالات الداعمة والمنظمات والمؤسسات الأهلية يؤثر سلبا في مواصلة تلك الجمعيات لتقديم خدماتها.
- الوكالات الداعمة والدعم الدولي من المانحين يرتبط بسياسات وشروط معينة ولا يتناسب أحيانا مع احتياجات معظم الجمعيات والمنظمات المحلية وفئاتها المستهدفة مما يؤثر سلبا ايضا على مستوى تقديم الخدمات.
- عدم الاهتمام بجمع الاشتراكات من الأعضاء والمنتسبين والأشخاص المستفيدين من عمل لتلك الجمعيات والمنظمات والتي تعتبر مصدرا للتمويل، الذاتي رغم ضآلته أو محدوديته.
- كما أن الدعم الحكومي لتلك المؤسسات أو المنظمات والجمعيات لا يرتبط بمعايير وشروط واضحة ولهذا لم يحدث توازن في تقديم الدعم المادي حيث تستأثر بعض المنظمات والجمعيات على الدعم المادي أو التمويل من الجهات الحكومية أو المنظمات الإقليمية أو الدولة الداعمة والمانحة والأخرى لا تحصل على أي دعم يذكر.

4- البناء الهيكلي والقدرات:
- البناء الهيكلي لمعظم منظمات المجتمع المدني لا يرتبط بالأهداف التي تنشأ لأجلها تلك المنظمات، كما أن بعضها يفتقر إلى رسم الخطط والأهداف الواضحة والبعيدة المدى لاستمرار نشاطها.
- طبيعة عمل تلك الجمعيات لا يسير وفقا للإطار المؤسسي المستند إلى تطبيق الأنظمة واللوائح الداخلية وفتح السجلات المالية والإدارية ونظام الأرشفة.
- كما أن عدم امتلاك بعض المنظمات أو معظمها للمقرات الدائمة يضعف عملها، وكذا تنقل أعضاءها أو توقفهم عن مزاولة نشاطهم.
- افتقار عمل تلك المنظمات إلى التعاون بينها وبين المؤسسات الحكومية والداعمة لها إذْ تقتصر الصلة على تقديم الدعم المادي فقط.
- قلة أو انعدام برامج التأهيل والتدريب الموجهة لقيادة وأعضاء الهيئات الإدارية العاملة في تلك المنظمات أو الجمعيات أدى إلى ضعف مستوى الأداء فيها.
- كما أن اختيار بعض الشخصيات الإدارية غير المؤهلة لقيادة تلك المنظمات يضعف أداءها، حيث لا تعي تلك الشخصيات إلى ضرورة عقد الاجتماعات الإدارية بانتظام وإعداد التقارير والمشروعات والموازنات لتوفر البيانات الدقيقة للجهات المانحة، وعدم التواصل والتنسيق مع المؤسسات المعنية.
- ويأتي أخيرا عدم وضع خطوط واضحة للسلطة لمتخذي القرار في هذه المنظمات وعدم وضوح المهام والمسئوليات لدى تلك القيادات في هذه الجمعيات والمنظمات لتحسين أداءها مما يقود إلى قيام تلك المنظمات بأعمال ومهام غير ضرورية أو مزدوجة كما تكون بعيدة عن الأهداف المرسومة إن وجدت.

5- مشاركة المرأة
يتضح جليا ضعف مساهمة النساء والفتيات في العمل الطوعي والذي يندرج ضمنه عمل المنظمات والجمعيات والمؤسسات وخاصة الخيرية ويرجع ذلك إلى تأثير منظومة القيم الاجتماعية والتي تحد من المشاركة الفاعلة للمرأة وإن تغيرت بعض المفاهيم تجاه خروج المراة لسوق العمل نظرا للطريق الاقتصادية والتي اضطرت البعض للقبول بخوض المراة لمجالات العمل وإن كانت بعض الشرائح الاجتماعية تفضل عمل المرأة في أعمال معينة كالتدريس والطب وأعمال السكرتارية والخياطة.. وغيرها ولكن نظير دخل مادي يوفر ظروف معيشية أفضل للأسرة، أما العمل تطوعا وخاصة في منظمات المجتمع المدني فما زال لا يلقى تجاوبا عند معظم الشرائح الاجتماعية في بلادنا كما أن هناك أسباباً أخرى تؤثر في مشاركة المرأة في منظمات المجتمع المدني باستثناء المنظمات النسوية نذكر فيها:
- النظرة القاصرة للبعض والتي مازالت سائدة في مجتمعنا اليمني تجاه الشراكة بين المرأة والرجل كحد سواء.
- اتجاه الغالبية من قيادات المنظمات إلى عقد اجتماعاتهم ولقاءاتهم في المجالس الخاصة أو ما نسميها بلهجتنا اليمنية مقايل القات وتعتبر جلسات خاصة تعزف كافة النساء عن المشاركة فيها حفاضا على سمعتها.
- تنحصر معظم الأعمال المأجورة في معظم تلك المنظمات والجمعيات على الرجال وضآلة مشاركة المرأة في الأعمال المأجورة تؤكد لديها إحساس بعدم المساواة وعدم إيلاءها ثقة كبيرة لتوليها مناصب قيادية أسوة بالرجل.
- عدم توسع رقعة مشاركة النساء في عمل تلك الجمعيات والمنظمات وعلى كافة الآليات أكانت الأجهزة التنفيذية أو اللجان الرقابية أو الجمعيات العمومية، ربما أن المرأة لا تتبوأ مواقع قيادية في الأجهزة التنفيذية في المنظمات، لذلك تكون نسب مشاركة النساء في رسم السياسات العامة والتأثير في اتخاذ القرار.

6- مصداقية منظمات المجتمع المدني في اليمن
بالطبع هناك العديد من مؤسسات المجتمع المدني اليمنية التي قامت بالأساس لخدمة المظهر الشكلي لقامة سياسية أو اجتماعية كبيرة، وبعضها نشط على اعتبار أن هذه القامة تدعم أنشطة المؤسسة وتجعلها قادرة على التأثر والتأثير في محيط المجتمع .
وكما توجد هذه المؤسسات الخادمة لشكل القامة السياسية أوالاجتماعية ،فانه يوجد أيضا مؤسسات قائمة على المظهر الشكلي ولا تقدم في الأساس أي خدمة لفئاتها المستهدفة ،و هي مطروحة فقط لأغراض تتعلق بالكسب أو بالمظهر الخاص بمؤسسها أو لإغراض التواجد ليس إلا .
ومع ذلك فهناك من المؤسسات المدنية الكثير التي نشأت عبرالشباب أوعبر النساء ،وحاولت أن تنافس وأن تقدم العديد من الافكار والانشطة ونجحت خلال السنوات الماضية الى حد كبير ،وبدأت تأخذ شهرتها ومكانتها كمؤسسات رائدة ونشطة ،وتتمتع بمصداقية كبيرة وتشجيع من جانب المجتمع والمانحين والفئات المستهدفة والحكومة .
والفكرة هنا تتلخص فى محاولة الاجابة على بعض الاسئلة عن انشطة منظمات المجتمع المدنى هل تتمتع بالمصداقية الجادة أم أنها يعيبها المظهر الشكلى ، ولمحاولة الاجابة عن هذه الاسئله من خلال بعض الافكار التالية الاتية :-
المصداقية :-
إن المصداقية مفردة داخلية لا يمكن دراستها وقياسها بعمق ،وتكوين نتيجة حقيقية عنها بالشكل الذى يدعم عدالة الاتهام الموجه لمؤسسات المجتمع المدنى بعدم فعاليتها وبالتالى عدم مصداقيتها ووقوعها فى فخ المظهر الشكلى .وبالطبع كما ذكرنا هناك العديد من المؤسسات التى تفتقد الى المصداقية بالرغم من قدرتها الكبيرة على العمل والفرص الكثيرة المحيطة بها والتى قد تدفعها الى ان تكون ذات مصداقية عالية ولكنها لا ترغب بالعمل الجاد والحقيقى لنشوئها أساسا لخدمة أغراض قامة سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية .ولكن ولاجل عدالة الاتهام وكما يقال وفى الأدبيات الحقوقية والقوانين أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته وكذا لوجود أيمان بأن الرغبة بعمل الخير هو القاعدة والرغبة بعمل الشر هو الاستثناء فأننا نقول ان الكثير من مؤسسات المجتمع المدنى تتمتع بمستوى جيد من المصداقية إن لم نقل معضمها ولكنها فقط تفتقر الى الاليات المساعدة على تكوين مصداقية عالية بما يوقعها فى فخ المظهر الشكلى وسوف يتم سرد بعض ما فكرت به فى هذا المجال حول الاسباب التى تدفع المؤسسات الى خسارة مصداقيتها أمام الاخر رغم وجودها " المصداقية " على مستوى الداخل فى المؤسسات والذى يثبتة أجواء الحماس الحقيقى والرغبة الاكيدة بالتغيير ومن هذه الافكار الفقرات التالية :-
1- مفردات متعلقة بالمصداقية :-
أغلب الظن أنه لا غنى عن هذه المفردات وغيرها فى تشكيل المصداقية فى أعمال مؤسسات المجتمع المدنى ودفعها الى مزيد من الحراك و القوة ومنها :-
الرغبة :- وهى إحدى أهم المفردات التى تتعلق بممارسة أى نشاط وهى المحفزة الاكبر للعمل مهما كانت نوعيتة وأشكالة بداية من الحب ومرورا بالعمليات الشرائية و إنتهاء بالاعمال السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأعمال مؤسسات المجتمع المدنى .
إن وجود الرغبة لدى مؤسسات المجتمع المدنى لخدمة فئاتها المستهدفة يجعل منها ناشطة فى مجال البحث عن مشاكل هذه الفئات و البحث عن حلول لهذه المشكلات و التوعية والترويج والضغط والمناصرة والتدريب والتأهيل و الاعمال الخيرية والاغاثية لهذه المشكلات بكافة أنواعها .
ومن المهم معرفة مدى تواجد هذا المفهوم وهذه المفردة لدى العاملون فى مؤسسات المجتمع المدنى لانها من أهم اسباب المصداقية ومن غير تواجد لهذه المفردة فان الغالب هو وجود المظهر الشكلى لدى هذه المؤسسات .
وأغلب الظن أن هناك الكثير من المؤسسات التى تملك الرغبة فى خدمة محيطها الاجتماعى ولكن الرغبة تحتاج الى مجموعه المفردات المساعدة لتكون رغبة فاعلة ومن هنا يأتى الشكل الثانى من أشكال المفردات المحفزة لنشؤ المصداقية لدى مؤسسات المجتمع المدنى .

القدرة :-
على مستوى مؤسسات المجتمع المدنى فان عدم المصداقية فى كثير من الاحيان لا ترجع الى عدم وجود رغبة لدى القائمين على هذه المؤسات بخدمة مجتمعه المحل ولكنها ناشئة عن عدم القدرة على هذه الخدمة .
وعدم القدرة هنا يتواجد فى الاتى :-
1- عدم القدرة على كتابة وصياغة المشاريع
2- عدم وجود علاقات عامة مميزة
3- إنعدام وجود علاقة مع المانحين من مؤسسات دولية وقطاع خاص وحكومة
4- الافتقار الى معلومات عن المشاكل الموجودة فى المجتمع المحلى " إحصائية ونظرية .
5- البعد الجغرافى عن رؤؤس الاموال .
6- البعد الجغرافى عن أماكن التدريب والتأهيل وبناء القدرات
وغيرها الكثير مما تدفع الى عدم وجود قدرة لدى هذه المؤسسات والجمعيات لكى تصبح ذات مصداقية فى عملها فى مجتمعها المحلى .
وأذكر فيما أذكر أصدقاء لى فى البيضاء يملكون أحلاما مليئة بالرغبة فى تنمية مجتمعهم المحلى ولكنهم حتى الان لا يعرفون طريق مؤسسة دولية واحدة ولو حتى على مستوى العنوان فكيف بالتواصل والتفاوض و إكتساب التمويل والعمل على خدمة المجتمع المحلى من خلال هذا المال . وأغلب الظن أن المصداقية هنا موجودة ولكنها تنقصها المعلومات لتصبح فعالة .

2- الانحصار او التكرار :-
إن هذه الكلمة هى دين يؤمن به العديد من المانحين من قطاع خاص وحكومة ومنظمات دولية ،فالعديد من هذه الجهات تتعامل فى الغالب مع جهات بعينها أثبتت مصداقيتها على مر زمن نشاطها وأصبحت محل اعجاب العاملون فى مؤسسات المجتمع المدنى فى اليمن ،وهذا لا يعنى أن هذه المؤسسات شريرة ومسيطرة أو كما تسمى بالحيتان وبالتالى إتهامها بالخطاء بقدر ما يعنى انها مؤسسات نمت وكبرت وإجتهدت بحيث حصدت ثمار نشاطها ومصداقيتها العالية على مر سنين نشاطها ولكن من المهم الالتفات الى المؤسسات الجديدة او الغير نشطة او الغير موجودة فى مراكز العواصم اليمنية ودفعها الى التقديم وإستيعاب الدعم لتصبح هى ايضا فاعلة وتمتع بمصداقية بدلا من تركها تعانى مرضا مزمنا من الجمود يثبت عليها إتهام الوقوع فى المظهر الشكلى .وهذا يعنى فيها يعنية أن تقوم مؤسسات التمويل الخاصة والحكومية والمنظمات الدولية بتخصيص برامج ومنح خاصة تدفع لاول مرة للمؤسسات الجديدة او التى لم تدخل مع هذه المؤسسات التمويلية فى مشاريع سابقة لاختبارها وإختيار الشريك الجيد منها مما يدفع سنويا بجملة من المؤسسات من منطقة المظهر الشكلى الى منطقة المصداقية العالية .
3- القيادة المؤمنة ودورها فى المصداقيه الجادة :-
تعتبر القيادة لاى مؤسسة هى العمود الفقرى والعقل المدبر لنشاطات المؤسسة والقيادة فى الغالب هى التى تقوم بعمل المؤسسة وتطرح فيها مواردها حتى تستطيع هذه المؤسسة أو تلك الجمعية الوصول الى درجة من المصداقية والى درجة مميزة من النشاط .
والقيادة أيضا لها دور فى جعل المؤسسة ذات مظهر شكلى على اعتبار ان هذه القيادة للمؤسسة قد تنشئ مؤسسة ما لاغراض تتعلق كما ذكرنا سابقا بالكسب او المظهر الاجتماعى او التواجد .
وإن مصداقية أى مؤسسة مجتمع مدنى تقوم فى الاساس على وجود قيادة ملهمة تدفع بهذه المؤسسة الى الفعالية والتأثير والتأثر فى محيطها المجتمعى وعلى العموم فهناك العديد من المؤسسات التى يتراسها أشخاص غير ملمين بادبيات تفعيل منظماتهم على مستوى الافكار المبدعة والخلاقة وعلى مستوى الكتابة والصياغة وعلى مستوى العلاقات والاتصال وعلى مستوى التنظيم والتنسيق .
وهذا لا يعنى أن هذه المؤسسة تفتقر الى المصداقية ويغلب عليها الشكل ولكنها قد تتمتع بشكل كبير من المصداقية النابعة من الحماس للعمل والتغيير والولع بخدمة المجتمع المحلى ولكنها غير قادرة على ترجمة هذا الحماس والرغبة الى مستوى الواقع فتقع حينها فى فخ المظهر الشكلى والتواجد الغير مؤثر وظهورها للاخر كأنها هيكل فارغ بدون عمل جاد وفاعل فى الواقع .
وإن وجود القيادة الملهمة له دور كبير فى جعل هذه المؤسسة أو تلك تتمتع بمستوى من المصداقية أو وقوعها فى فخ الشكلانية .
4- اللا إحترافية ودورها فى ضرب مصداقية المؤسسات .
يغلب على فسيفساء المجتمع المدنى اليمنى مساحات لونية شاسعة خاصة بخدمة قضايا المجتمع وبالاخص المرأة والطفل والشباب ولكن هذه المؤسسات قامت بشكل سريع لتلبي طلبات ملحة للمجتمع المحلى مما اوقعها فى فخ اللا إحترافية فى مجال العمل ولم تكتسب حتى الان تراكم خبرات يجعلها نشطة بذلك الشكل المؤثر فى الحياة العامة وعلى سبيل المثال نذكر عشرات الجمعيات النسوية التى ما تزال تعمل فى مستنقع الخياطة والتطريز ولم تستطع الالتفات او التطور الى قضايا الحقوق الانساننية للمرأ بما تحملة من تنوع وثراء .
وهذا ينطبق على الكثير من المؤسسات الواقعة خارج نطاق العواصم اليمنية والكثير من المؤسسات داخل هذه العواصم كصنعاء وتعز وعدن .
هذه الاإحترافية لا تضرب فقط نشاطات المؤسسات فى حال تواجد نشاط معين تقوم به ولكنها ايضا تضرب مصداقيتها فى العمق بحيث يبدو أعمالها ونشاطاتها وكانها قبض للريح بالرغم من أن لها نشاطات أرهقت كادر المؤسسة وجعلتة يعتقد بأن مؤسستهم فاعلة بينما هى على مستوى التقييم الحيادى تبدو غير فاعلة وغير ذات مصداقية .
5- العيش فى دائرة مغلقة :-
وهذا من أهم أسباب نشؤ عدم مصداقية لهذه المؤسسة أو تلك وهى الخوف من النزول الى الشارع والخوف من المواجهه المباشرة مع قضايا المجتمع وتجعلها تبدو كشكل غير مؤثر وتضرب مصداقية المؤسسة فى العمق .
وينتج هذا العيش ضمن دائرة مغلقة من عدم معرفة قضايا المجتمع المحيط وعدم معرفة طرق معالجة هذه القضايا والخوف اساسا من توسيع نطاق الاعمال لعدم القدرة على تغطية هذه النشاطات بالكوادر البشرية والوفر المادى , فالعديد من المؤسسات نسمع بها ونراها تفتح ابوابها كل يوم ويأتيها الموظفون او المتطوعون ويعملون و يرجعون الى بيوتهم ضمن نشاط يغلب علية الجانب التوريقى وليس التنفيذى بمعنى انهم ما يزالون فى مرحلة الورق ولم يستطيعوا الخروج منها حتى الان .
والكثير من المؤسسات بالرغم من قدم تواجدها الا انها ما زالت لم تخرج من هذه المرحلة ونسمع عن إجتماعاتها التى تحتوى كل أحلام المؤسسة ورغباتها بالعمل فى المجتمع المحلى ولكنها لا تستطيع إخراج كل هذا الكم من الورق الى حيز التنفيذ بل بالعكس تراكم المزيد كتأكيد على الاحلام السابقة بالاحلام جديدة تظل حبيسة الادراج .
نعم ان العمل على مستوى الورق مهم لكنة ليس كل شى والتخطيط كما يقال من أهم خطوات أى مشروع ان لم يكن اهمها على الاطلاق ولكنة ليس كل شئ ضمن النشاط او المشروع ويبدو ان الوقوع الابدى فى مرحلة الورق والتخطيط يجعل من الكثير من المؤسسات ذات العمل التوريقى تحمل سمعه سيئة وتجعلها تبدو كمن يصدر جعجعه دون أن ينتج طحينا وهذا يؤثر على مصداقيتها رغم وجود الحماس والرغبة ولكنها لا تملك القدرة والشجاعة فقط ليس الا .

6- الجغرافيا ودورها فى ضرب مصداقية المؤسسات .
بصدق قد يصل عدد الدورات التى يحظى بها ناشط فى مؤسسة مجتمع مدنى فى العاصمة صنعاء الى اضعاف مضاعفة الدورات التدريبية التى يحظى بها ناشط فى مدينة أخرى .
وقد يحظى طاقم مؤسسة فى صنعاء او عدن أو تعز بالكثير من التدريب والتأهيل لا يحظى بعشرة فى المائة منة طاقم عمل يعمل فى مؤسسة فى مأرب أو الجوف.
وبصدق فأن التمويل الذى قد يصل لمؤسسة فى صنعاء قد
مرات القراءة: 5918
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة)